للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "فهو قريب من المحسنين بذاته ورحمته قربًا ليس له نظير، وهو مع ذلك فوق سمواته على عرشه" (٦٤).

القول الثاني: تفسير قرب الله تعالى الوارد في النصوص إما بالعلم وإما بتقريب عبده إليه وعدم حمله على معنى أنه يقرب بنفسه، كما أُثر ذلك عن مقاتل بن حيان أنه قال: "بلغنا -والله أعلم- في قوله عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ} قبل كل شيء {وَالْآخِرُ} بعد كل شيء {وَالظَّاهِرُ} فوق كل شيء {وَالْبَاطِنُ} (٦٥) أقرب من كل شيء وإنما نعني بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه" (٦٦).

وقال البغوي في تفسير قوله: {وَالْبَاطِنُ}: "العالم بكل شيء، هذا معنى قول ابن عباس" (٦٧).

وقال شيخ الإسلام: "وطائفة من أهل السنة: تفسر القرب في الآية والحديث (٦٨) بالعلم لكونه هو المقصود، فإنه إذا كان يعلم ويسمع دعاء الداعى حصل مقصوده، وهذا هو الذي اقتضى أن يقول من يقول: إنه قريب من كل شيء بمعنى: العلم والقدرة، فإن هذا قد قاله بعض السلف -كما تقدم عن مقاتل بن حيان- وكثير من الخلف" (٦٩).

والذي يسعى في هذا المقام هو إثبات ما جاء في الكتاب والسنة وأجمع


(٦٤) المرجع السابق (٢/ ٤٦٠).
(٦٥) سورة الحديد. آية (٣).
(٦٦) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٣٤٢) وانظر شرح حديث النزول لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣٦١) والعلو للذهبى (١٣٧).
(٦٧) تفسير البغوي (٤/ ٢٩٣).
(٦٨) يعني بالآية قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي .. } وبالحديث: "إنكم لا تدعون أصمَّ .. ".
(٦٩) شرح حديث النُّزول (٣٦٥).

<<  <   >  >>