للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} (٤٠) فقالوا: إن معنى القرب في هاتين الآيتين قرب ذات الله تعالى فالله قريب بذاته من حبل الوريد وفي هذا دليل على أن الله تعالى في كل مكان بذاته وأنه قريب من كل شيء بذاته وأن ذات الرب في قلب كل أحد.

ولا ريب أن تفسيرهم للقرب في هاتين الآيتين بقرب الذات واستدلالهم بذلك على الحلول والاتحاد في غاية الضعف بل هو باطل يتضح بطلانه من عدة وجوه:

الوجه الأول: أن الإجماع منعقد على بطلان الحلول والاتحاد وأنَّهما منفيان عن الله تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما أن تكون ذات الرب في قلب كل أحد كافر أو مؤمن فهذا باطل، لم يقله أحد من سلف الأمة ولا نطق به كتاب ولا سنة، بل الكتاب والسنة وإجماع السلف مع العقل يناقض ذلك" (٤١).

الوجه الثاني: أن الذين يقولون: إنه في كل مكان أو أنه قريب من كل شىء بذاته: لا يخصون بذلك شيئًا دون شيء ولا يمكن مسلمًا أن يقول: إن الله قريب من الميت دون أهله ولا أنه قريب من حبل الوريد دون سائر الأعضاء.

وكيف يصح هذا الكلام على أصلهم وهو عندهم في جميع بدن الإنسان؟ أو قريب من جميع بدن الإنسان، أو هو في أهل الميت كما هو في الميت؟ فكيف يقول: ونحن أقرب إليه منكم إذا كان معه ومعهم على وجه واحد؟ وهل يكون أقرب إلى نفسه من نفسه؟


(٤٠) سورة الواقعة. آية (٨٥).
(٤١) شرح حديث النزول (٣٧٥).

<<  <   >  >>