للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تبين هذا وأن القرب في الآيتين السابقتين ليس المراد به قرب ذات الله تعالى وليس هو القرب الخاص فماذا يكون إذًا؟ للعلماء في ذلك قولان:

أحدهما: أن المراد بالقرب في الآيتين -السابقتين- قربه إليهم بالملائكة كما تقدم.

والثاني: أن المراد بالقرب هنا العلم أو العلم والقدرة، وإليه ذهب الطلمنكى (٤٦) والبغوي (٤٧) وغيرهما.

وأما الأول فقد رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -كما تقدم- وتلميذه ابن القيم واستدلا على ذلك بأدلة كثيرة (٤٨).

وقال شيخ الإسلام بعد أن فسر القرب بقرب الملائكة: "وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف" (٤٩).

وممن ذهب إلى هذا القول من المفسرين الطبري وابن كثير عليهما رحمة الله، قال الطبري في قوله تعالى: { .. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}: "يقول: ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون" (٥٠).

وقال ابن كثير: "وقوله عز وجل: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} يعني: ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، ومن


(٤٦) انظر شرح حديث النُّزول (٣٦٦، ٣٦٧).
(٤٧) انظر تفسير البغوي (٤/ ٢٩١).
(٤٨) انظر: شرح حديث النزول (٣٥٥، ٣٦٦، ٣٦٧)، مجموع الفتاوى (١٥/ ١٢٨)، مختصر الصواعق (٢/ ٤٥٨)، علو الله على خلقه للدويش (٢٦٩ - ٢٧٤).
(٤٩) شرح حديث النُّزول (٣٥٥).
(٥٠) جامع البيان في تأويل القرآن (١١/ ٦٦٤).

<<  <   >  >>