للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من عائشة رضي الله عنها خالفها فيه ابن عباس وغيره كما تقدم.

وأما الآية الثانية: فلأنه لا يلزم من إثبات الرؤية وجود الكلام حال الرؤية فيجوز وجود الرؤية من غير كلام، وغاية ما تفيده الآية هو نفى كلام الله لأحدٍ من خلقه على غير هذه الأحوال الثلاثة (١٨).

وأما عن سبب إثبات الرؤية الفؤادية:

١ - فلأنَّها ثبتت عن ابن عباس وأبي ذر رضي الله عنهما وقال بها جمع من المتقدمين والمتأخرين من أهل العلم.

وكل أصحاب الفريق الأول من مذهب الترجيح -إلا من صرح منهم بإثبات الرؤية البصرية (١٩) - محمول كلامهم في إثبات الرؤية على الرؤية الفؤادية لأن الروايات عنهم إما مطلقة وإما مقيدة برؤية الفؤاد، وقد بينا عدم صحة إثبات الرؤية البصرية فوجب حمل المطلق من الروايات عنهم على المقيد منها بالفؤاد.

ومما يحسن التنبيه عليه هنا: أنه لو كان المعوَّل عليه في إثبات الرؤية الفؤادية قول ابن عباس رضى الله عنهما فقط لما توجه القول به، لأن قوله رضى الله عنه مبني على تفسير الآيات في سورة النجم وقد ثبت -بما سبق بيانه- أن المراد بِها جبريل عليه السلام.

٢ - ومما يؤيد حمل الروايات المطلقة على الروايات المقيدة بالفؤاد في ما ورد عن ابن عباس: أن نفس الآيات التي ورد عن ابن عباس في تفسيرها إطلاق الرؤية هى بعينها الآيات التي ورد عن ابن عباس في تفسيرها تقييد الرؤية


(١٨) انظر: التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٥٨) كتاب الإيمان من إكمال المعلم للقاضي عياض (٢/ ٧٤٤) المفهم للقرطبي (١/ ٤٠٤) مسلم بشرح النووي (٣/ ٩) فتح الباري (٨/ ٦٠٩).
(١٩) وقد تقدم بيانُهم ص (٣٠٩).

<<  <   >  >>