للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن المرئي هو جبريل عليه السلام، ثم لو سلمنا جدلًا أن الصواب مع ابن عباس رضي الله عنهما في أن المراد بالمرئي هو الله تعالى، فإنه ليس فيه إثبات الرؤية البصرية، لأن الرواية عن ابن عباس في هذه الآيات إما مطلقة وإما مقيدة بالفؤاد وليس فيما ثبت عنه من الروايات التصريح بالرؤية البصرية.

٣ - وأما ما رواه ابن عباس بسند صحيح عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "رأيت ربى تبارك وتعالى" فإنه مختصر من حديث المنام (٢٣) كما بيَّن ذلك ابن كثير


(٢٣) حديث المنام هذا جاء من عدة طرق عن عدد من الصحابة كابن عباس ومعاذ بن جبل وأنس وعبد الرحمن بن عائش وأبي أمامة الباهلى وعمران بن حصين وعبد الله بن عمر وثوبان وأبي هريرة وأبي رافع وجابر بن سمرة وأبي عبيدة بن الجراح، وهو بمجموع هذه الطرق حديث صحيح صححه جمع من أهل العلم والحديث. قال ابن منده في الرد على الجهمية (٩١): "وروي هذا الحديث عن عشرة من أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونقلها عنهم أئمة البلاد من أهل الشرق والغرب". وقال الذهبي في السير (٢/ ١٦٧): "فأما رؤية المنام فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة". ونص هذا الحديث من طريق معاذ -والذى هو أصح الطرق-: عن معاذ بن جبل قال: احتبس عنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات غداةٍ من صلاة الصبح حتي كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعًا فثوَّب بالصلاة فصلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتجوَّز في صلاته، فلما سلَّم دعا بصوته فقال لنا: "على مصافكم كما أنتم" ثم انفتل إلينا فقال: "أما إني سأحدثكم ما حبسنى عنكم الغداة، أنَّى قمت من الليل فتوضأت فصليت ما قُدِّر لي، فنعست في صلاتي فاستثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد، قلت: ربي لبيك، قال: فيمَ يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري ربِّ، قالها ثلاثًا، قال فرأيته وضع كفه بين كَتِفَيَّ، قد وجدت برد أنامله بين ثديَيَّ فتجلَّى لي كل شيء وعرفت، فقال: يا محمد، قلت: لبيك ربِّ، قال: فيمَ يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: ما هُنَّ؟ قلت مشي الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلاة وإسباغ الوضوء في المكروهات، قال: ثم فيمَ؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة بالليل والناس نيام، قال: سَلْ، قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنةً في قومٍ فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عملٍ يقرب إلى حبك، قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنَّها حق فادرسوها ثم تعلموها" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وذكر أن البخاري صححه، انظر سنن الترمذى (تحفة ٩/ ١٠٧) وأحمد في المسند (٦/ ٣٢٣) ح (٢١٦٠٤) وابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥٤٠) ح (٣٢٠) والحاكم مختصرًا (١/ ٧٠٢) ح (١٩١٣) وانظر للوقوف على طرق هذا الحديث: =

<<  <   >  >>