للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره (٢٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا الحديث لم يكن ليلة المعراج، فإن هذا الحديث كان بالمدينة، وفِى الحديث: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نام عن صلاة الصبح ثم خرج إليهم وقال: "رأيت كذا وكذا" وهو من رواية من لم يصل خلفه إلا بالمدينة .. والمعراج إنما كان من مكة باتفاق أهل العلم وبنص القرآن والسنة المتواترة كما قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (٢٥) فعُلم أن هذا الحديث كان رؤيا منام بالمدينة كما جاء مفسرًا في كثير من طرقه: أنه كان رؤيا منام -مع أن رؤيا الأنبياء وحي- لم يكن رؤيا يقظة ليلة المعراج" (٢٦).


= الرؤية للدارقطني (٣٠٨ - ٣٤٢) والتوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٣٣ - ٥٤٤) واختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى لابن رجب تحقيق جاسم الفهيد (هامش ٣٤ - ٣٦) والقول المبين في إثبات الصورة لرب العالمين للشيخ سليمان العلوان (٧) وما بعدها، والشريعة للآجري تحقيق الدميحي (هامش ٣/ ١٥٤٧ - ١٥٤٨).
وهذه الأحاديث عن هذا الجمع من الصحابة رضوان الله عليهم تفيد أن الله تعالى قد يُرى في المنام لكن ليس على حقيقته التي هو عليها الآن سبحانه وتعالى.
قال الدارمي في النقض على المريسي (٢/ ٧٣٨): "وفي المنام يمكن رؤية الله تعالى على كل حال وفي كل صورة".
وقد نقل القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز رؤية الله في المنام وصحتها. انظر: إكمال المعلم (٧/ ٢٢٠) مسلم بشرح النووي (١٥/ ٣١) فتح الباري (١٢/ ٣٨٧).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يَرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق" مجموع الفتاوى (٣/ ٣٩٠).
(٢٤) انظر ص (٣١١) هامش (٣٤) من هذا المبحث.
(٢٥) سورة الإسراء. آية (١).
(٢٦) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>