للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أن من فعل كذا دخل الجنة وما في معناها كل ذلك مقيد باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فليس في هذه الأحاديث ما يدل إلا على أن هذه الأعمال سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، والسبب كما هو معلوم لا يلزم من تحققه تحقق المسبب، بل لا بد من توفر الشروط وانتفاء الموانع.

وعلى هذا فإن هذه الأحاديث تطلق كما جاءت ويُقال: أن من فعل كذا أو قال كذا دخل الجنة لكن لا يصح تطبيقها على شخص معين فيقال إنه من أهل الجنة لأنه فعل كذا أو قال كذا لأننا لا نعلم هل توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع أم لا.

وإلى هذا المسلك ذهب الحسن البصري ووهب بن منبه ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) وابن رجب (٤) وسليمان بن عبد الله (٥) وغيرهم.

وهذا القول هو معنى قول البخاري رحمه الله تعليقًا على حديث أبي ذر رضى الله عنه والذي فيه "ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" قال رحمه الله: "هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله غفر له" (٦).

فإن العبد إذا تاب وندم وقال لا إله إلا الله ومات عليها فقد توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع القادحة في هذه الشهادة.

وهذا المسلك هو أيضًا معنى قول سليمان بن عبد الله: "أي من تكلم بِهذه الكلمة عارفًا لمعناها عاملًا بمقتضاها باطنًا وظاهرًا" (٧).


(٣) انظر كتاب التوحيد لابن رجب (٣٩).
(٤) انظر مجموع الفتاوى (٨/ ٢٧٠ - ٢٧١) (٢٨/ ٥٠٠ - ٥٠١).
(٥) انظر تيسير العزيز الحميد (٩٠).
(٦) صحيح البخارى (٥/ ٢١٩٣).
(٧) تيسير العزيز الحميد (٧٢).

<<  <   >  >>