للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك فإن هذا المسلك هو معنى قول من قال: إن هذه الأحاديث مطلقة، وقد جاءت مقيدة بأحاديث أُخر فوجب حمل المطلق على المقيد (٨)، ومن هذه الأحاديث المقيدة:

- ما جاء في حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له: "اذهب بنعليَّ هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بِها قلبه فبشره بالجنة" (٩).

- حديث جابر رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة" (١٠).

- حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من شهد أن لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه أو يقينًا من قلبه لم يدخل النار أو دخل الجنة" وقال مرة: "دخل الجنة ولم تمسه النار" (١١). قال ابن رجب رحمه الله: "وتحقيق هذا المعنى وإيضاحه أن قول العبد: لا إله إلا الله يقتضي أن لا إله غير الله، والإله: الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالًا ومحبة وخوفًا ورجاءً وتوكلًا عليه وسؤالًا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور التى هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قول: لا إله إلا الله، ونقصًا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك" (١٢).


(٨) انظر كتاب التوحيد لابن رجب (٤٧) وانظر التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٦٩٣).
(٩) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا. (١/ ٣٤٨) ح (٣١).
(١٠) سبق تخريجه ص (٣٤٠).
(١١) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٣١٢) ح (٢١٥٥٥). وابن حبان في صحيحه (١/ ٤٢٩) ح (٢٠٠) وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان.
(١٢) التوحيد (٤٩).

<<  <   >  >>