للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القاضى أبو بكر الباقلاني: "وكل خبرين علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكلم بِهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما التعارض" (٥).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه، وليس مع أحدهما ترجيح يقدم به" (٦).

وقال ابن القيم: "وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخًا للآخر فهذا لا يوجد أصلًا، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق، والآفة من التقصير في معرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه ومعلوله، أو القصور في فهم مراده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معًا، ومن ها هنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع (٧).

ويقول الإمام الشاطبي: "لا تجد البتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ أمكن التعارض بين الأدلة عندهم" (٨).

واستدل هؤلاء على عدم وقوع التعارض الحقيقي بأدلة كثيرة أذكر شيئًا منها:

١ - أن الأحاديث النبوية وحى من الله تعالى كما قال عز وجل:

{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٩).


(٥) المصدر السابق نفس الصفحة.
(٦) المسوَّدة في أصول الفقه ص (٣٠٦).
(٧) زاد المعاد لابن القيم (٤/ ١٤٩) وانظر شفاء العليل (١/ ٦٧).
(٨) الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي (٤/ ٢١٧) وانظر (٤/ ٩٣).
(٩) سورة النجم. الآيتان (٣، ٤).

<<  <   >  >>