للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كان وحيًا من الله فهو مُنَزَّه عن الاختلاف والتناقض لقوله تعالى:

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (١٠).

فنفى الله تعالى أن يقع في كلامه اختلاف البتة، ولو كان فيه ما يقتضي ذلك لم يصدق عليه هذا الكلام بحال.

٢ - قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١١).

حيث أمر الله تعالى في هذه الآية -عند الاختلاف والتنازع- بالرجوع إلى كتابه وإلى سنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولو كان فيهما تناقض أو اختلاف لَما كان فى الرجوع إليهما فائدة، بل كان الرجوع إليهما مما يزيد التنازع والاختلاف.

٣ - أنه لو كان بين الأحاديث الصحيحة تعارض حقيقي لأدى ذلك إلى التكليف بما لا يطاق، لأن الشارع لو أمر المكلف بفعل شىء معين ونَهاه عن فعل الشيء ذاته، وطلبهما معًا: فعل الشىء وعدم فعله، في آن واحد وعلى وضع واحد لسبب واحد فهو تكليف بما لا يُطاق، وتكليف ما لا يطاق لا يُتصور أن يأمر به الشارع لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١٢).

٤ - لو كان بين الأحاديث النبوية الصحيحة تعارض حقيقي، لكان معناه أنَّها متناقضة، وأن الشارع يأتى بدليلين متناقضين في ذاتِهما، وهو وصف للشارع بالجهل والعجز، وهذا محال على الشارع جل شأنه، فهو مُنَزَّه عن كل قصور، وهو وحده المتفرد بالكمال.

٥ - أن عامة أهل الشريعة أثبتوا الناسخ والمنسوخ في نصوص الكتاب والسنة وحذروا من الجهل به والخطأ فيه، ومعلوم أن الناسخ والمنسوخ إنما هو


(١٠) سورة النساء. آية (٨٢).
(١١) سورة النساء. آية (٥٩).
(١٢) سورة البقرة. آية (٢٨٦).

<<  <   >  >>