للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمستكمل الإيمان من فعل هذه المعاصى، وليس المراد نفى أصل الإيمان.

وإلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام (٤٩) وابن قتيبة (٥٠) وابن عبدالبر (٥١) والنووي (٥٢) وشيخ الإسلام ابن تيمية (٥٣) وجمع من أهل العلم عليهم رحمة الله، بل جعله النووي القول الصحيح الذي عليه المحققون.

واستشهد أبو عبيد لهذا القول بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمسيء صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصل" (٥٤) فإن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا الحديث لم يُرد نفى مطلق الصلاة لأنَّه قد رآه يصلي، وإنما أراد نفى حقيقة الصلاة وكمالها الواجب.

قال النووي رحمه الله: "وهذا من الألفاظ التى تطلق على نفى الشيء ويُراد نفى كماله ومختاره كما يُقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة" (٥٥).

ويحسن التنبيه هنا إلى أن المراد بالكمال المنفي إنما هو: الكمال الواجب، ولا يجوز أن يكون المراد الكمال المستحب، لأن من فعل الواجبات ولم ينتقص شيئًا منها لا يجوز أن يُقال إنه ما فعلها لا حقيقة ولا مجازًا، ولا يجوز أن يُنفى عنه الإيمان لأنَّه لم يفعل المستحبات.

وقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمسىء صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصل" إنما


(٤٩) انظر كتاب الإيمان (٤٠ - ٤٢).
(٥٠) انظر تأويل مختلف الحديث (١٦٠ - ١٦١).
(٥١) انظر التمهيد (٩/ ٢٤٣)
(٥٢) انظر مسلم بشرح النووي (٢/ ٤٠١).
(٥٣) انظر مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٩٣). المستدرك على مجموع الفتاوى (١/ ١٢٩).
(٥٤) متفق عليه من حديث أبى هريرة رضي الله عنه: البخاري (١/ ٢٦٣) ح (٧٢٤). ومسلم (٤/ ٣٤٩) ح (٣٩٧).
(٥٥) مسلم بشرح النووى (١/ ٤٠١). وانظر الإيمان لابن منده (٢/ ٥٩٥). وشرح السنة للبغوى (١/ ٩٠).

<<  <   >  >>