للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفر المخرج من الملَّة، وإلا لما أثبت الله لمن تقاتلوا وصف الإيمان الذي هو في الآية الإسلام الظاهر (٣٥).

- وأما الأحاديث التى ورد فيها نفى الإيمان عمَّن ارتكب بعض الكبائر فإن المراد بالمنفى فيها كمال الإيمان الواجب وليس المراد نفى مطلق الإيمان، ولا نفى كمال الإيمان المستحب وهذا هو الذي ذهب إليه جمع من أهل العلم، كما تقدم.

- وكذلك أحاديث البراءة من أصحاب الكبائر فإنَّها محمولة على هذا فيكون المعني فيها: ليس من المؤمنين الإيمان الواجب الذي به يستحقون الثواب بلا عقاب.

وهذا القول والذي قبله في نصوص الكفر مبنى على أصل عظيم عند أهل السنة والجماعة وهو أن الشخص الواحد يمكن أن يجتمع فيه كفر وإيمان ونفاق وإيمان، وليس مرادهم بالكفر، أصل الكفر المُخرج من الملَّة، فإنه لا يجتمع مع الإيمان، وإنما مرادهم شعبة من شعب الكفر إذ المعاصي كلها من شعب الكفر، كما أن الطاعات من شعب الإيمان، وكذلك ليس مرادهم بالنفاق: النفاق الاعتقادي المخرج من الملَّة، وإنما مرادهم النفاق العملي، قال ابن القيم رحمه الله: "الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان وشرك وتوحيد، وتقوى وفجور، ونفاق وإيمان، وهذا من أعظم أصول أهل السنة، وخالفهم فيه غيرهم من أهل البدع، كالخوارج (٣٦) والمعتزلة والقدرية، ومسألة خروج أهل الكبائر من


(٣٥) انظر: ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة لعبد الله القرني.
(٣٦) الخوارج: سموا بذلك لخروجهم على علي بن أبى طالب رضي الله عنه ويسمون أيضًا بـ (المحكمة والحرورية والشراة والمارقة).
أما تسميتهم بالمحكمة فلأنَّهم أنكروا الحكمين وقالوا: لا حكم إلا الله.
وأما تسميتهم بالحرورية فلأنَّهم نزلوا بحروراء في أول أمرهم.
وأما تسميتهم بالشراة فلقولهم: شرينا أنفسنا في طاعة الله، أى بعناها بالجنة وأما تسميتهم بالمارقة فأخذًا من قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، وهم يرضون هذه الأسماء=

<<  <   >  >>