للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدجال الأكبر، قال البيهقي: "ويجوز أن توافق صفة ابن صياد صفة الدجال، كما ثبت في الصحيح أن أشبه الناس بالدجال عبد العزى من قطن (٩) " (١٠).

ثم إنه مع هذه الموافقة في بعض الصفات قد خالفه في صفات أخرى ككونه دخل مكة والمدينة ووُلد له والدجال ليس كذلك.

- وأما حلف عمر رضي الله عنه بحضرة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أن ابن صياد هو الدجال فليس فيه أكثر من سكوت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا لا يعني الإقرار دائمًا، فقد يكون سكوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأمرٍ آخر كأن يكون متوقفًا مثلًا، وهو كذلك في هذه المسألة كما تقدم، لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان مترددًا في أول الأمر كما يدل عليه قوله لعمر: "إن يكن هو فلن تستطيع قتله .. " وكذلك محاولته عليه الصلاة والسلام أكثر من مرة لكشف أمر ابن صياد ومعرفة حقيقته، ثم تبين له بعد ذلك كما في حديث الجساسة أنه ليس هو الدجال.

قال ابن حجر رحمه الله: "كان جابرًا لما سمع عمر يحلف عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينكر عليه: فهم منه المطابقة، ولكن بقى أن شرط العمل بالتقرير أن لا يعارضه التصريح بخلافه فمن قال أو فعل بحضرة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا فأقرَّه دلَّ ذلك على الجواز، فإن قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو فعل بخلاف ذلك دلَّ على نسخ ذلك التقرير، إلا إن ثبت دليل الخصوصية" (١١).


(٩) ونص الحديث أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ما ذكر رؤيته لعيسى بن مريم عليه السلام في المنام قال: "ثم رأيت رجلًا وراءه جعدًا قططًا أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن. . . فقلت: من هذا؟ قالوا المسيح الدجال" متفق عليه: البخارى (٣/ ١٢٦٩) ح (٣٢٥٦) ومسلم (٢/ ٥٩١) ح (١٦٩) وابن قطن قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية. انظر صحيح البخارى (٣/ ١٢٧٠).
(١٠) مسلم بشرح النووي (١٨/ ٢٦٣).
(١١) فتح الباري (١٣/ ٣٢٥).

<<  <   >  >>