للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ساق بعد ذلك كلام ابن دقيق العيد ملخصًا فقال: "قال -يعني ابن دقيق العيد- إذا أُخبر بحضرة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أمر ليس فيه حكم شرعى، فهل يكون سكوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دليلًا على مطابقة ما في الواقع، كما وقع لعمر في حلفه على -أن (١٢) - ابن صياد هو الدجال فلم ينكر عليه فهل يدل عدم إنكاره: على أن ابن صياد هو الدجال كما فهمه جابر حتي صار يحلف عليه ويستند إلى حلف عمر أو لا يدل؟ فيه نظر، قال: والأقرب عندي أنه لا يدل" (١٣).

-وأما حلف بقية الصحابة -الذين تقدم ذكرهم- كجابر وابن عمر وغيرهم على إن ابن صياد هو الدجال فإما أنه استنادٌ إلى حلف عمر رضى الله عنه عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما صرح بذلك جابر فإنه لما قيل له: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينكره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد تقدم الجواب على هذا.

وإما أن يكون حلفهم على ذلك لما احتف به من القرائن والأحوال المشابَهة لما في المسيح الدجال كما يُفهم من قصة ابن عمر معه، وهذا أيضًا قد تقدم الجواب عنه.

- وأما جواب أصحاب هذا القول عن تردد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شأن ابن صياد في أول الأمر بأن ذلك قبل أن يُعلمه الله أنه هو الدجال فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه، أو أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرج الكلام مخرج الشك تلطفًا بعمر رضى الله عنه.

أقول هذا الجواب غير مسلَّم، لأننا نقول: ما الدليل على أن الله تعالى أعلم رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن ابن صياد هو الدجال؟ وما الدليل على أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرج كلامه مخرج الشك؟ !


(١٢) ما بين الشرطتين زيادة مني لكي يستقيم الكلام.
(١٣) فتح البارى (١٣/ ٣٢٧).

<<  <   >  >>