للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: والمكتوب غير المعلوم، فما علمه الله تعالى من نِهاية العمر لا يتغيَّر، وما كتبه قد يمحى ويثبت، وعلى هذا يُحمل قول عمر رضى الله عنه وغيره: "اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت عليَّ الذنب والشِّقوة فامحُني وأثبتني في أهل السعادة فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" (٣).

قال الطحاوي رحمه الله بعدما ذكر شيئًا من النصوص السابقة: "هذا مما لا اختلاف فيه إذ كان يحتمل أن يكون الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النسمة جعل أجلها إن برت كذا وكذا وإن لم تبر كذا وكذا لما هو دون ذلك .. ويكون ذلك مما يُثبت في الصحيفة الى لا يُزاد على ما فيها ولا ينقص منه" (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلًا في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب .. والله سبحانه عالم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فهو يعلم ما كتبه له وما يزيده إياه بعد ذلك، والملائكة لا علم لهم إلا ما علمهم الله، والله يعلم الأشياء قبل كونِها وبعد كونِها، فلهذا قال العلماء: إن المحو والإِثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالمًا به فلا محو فيه ولا إثبات" (٥).

وقال أيضًا: "والأجل أجلان: (أجل مطلق) يعلمه الله، (٦) (وأجل مقيد) وبِهذا يتبين معنى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له


(٣) أخرجه ابن جرير الطبرى في التفسير (٧/ ٤٠١).
(٤) مشكل الآثار (٤/ ١١٨).
(٥) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٩٠، ٤٩١، ٤٩٢).
(٦) أى يعلمه الله وحده.

<<  <   >  >>