للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زاد له في الأجل كذا، وبسط له من الرزق كذا وصار في أهل السعادة بعد أن كان في أهل الشقاوة، أو صار في أهل الشقاوة بعد أن كان في أهل السعادة، وهكذا قد علم ما ينقصه للعبد، كما علم أنه إذا دعاه واستغاث به والتجأ إليه صرف عنه الشر ودفع عنه المكروه، وليس في ذلك خلف ولا مخالفة لسبق العلم، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها كما قدر الشبع والرَّوي بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر، فهل يقول عاقل بأن ربط هذه المسببات بأسبابِها يقتضي خلاف العلم السابق أو يُنافيه بوجه من الوجوه؟ " (٣).

فزيادة العمر بصلة الرحم أمر مفروغ منه قد سبق به علم الله تعالى، فإذا كان ذلك كذلك فليس في هذا القول مخالفة للنصوص التى فيها أن الأجل قد فُرغ من تقديره، لأننا نقول: إن الأجل قد فُرغ من تقديره بهذه الزيادة وذلك النقص، لأن الزيادة والنقص مقدران أيضًا، كما أن الصحة والعافية -وكونهما من أسباب بلوغه هذه الغاية من العمر- مقدران أيضًا.

وعلى هذا فلا حاجة لنفى الزيادة والنقصان، والله تعالى أعلم.

وهذا القول لعله لا يُخالف فيه حتى أصحاب المسلك الثاني لأنَّهم إنما نفوا الزيادة والنقصان لتوهمهم أن القول بذلك يعارض النصوص القاضية بكتابة الأجل والفراغ منه، ولكنه بِهذا القول وهذا التقرير يزول هذا الوهم.

ولذلك قال الإمام مرعي بن يوسف بعد ذكره لهذا القول: "ولعله مُراد كلٍّ من الفريقين والخلاف بينهما لفظى إذ لا يسع من له أدنى تأمل أن يخالف في أن علم الله تعالى لا يتغير ولا يتبدل" (٤).


(٣) تنبيه الأفاضل (٣١).
(٤) إرشاد ذوى العرفان (٦٩، ٧٠).

<<  <   >  >>