للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم بعد ذكره لهذا القول: "وهذا أعدل الأقوال وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب، وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة وبعضهم في النار كما دلَّ عليه حديث عائشة (١٣)، وجواب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدل على هذا فإنه قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم" ومعلوم أن الله لا يعذبُهم بعلمه ما لم يقع معلومه، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه وهو متعلق علمه السابق فيه .. وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة" (١٤).

وقال ابن كثير بعد ذكره لهذا القول: "وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها" (١٥).

وقال الشنقيطي: "ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول: بالعذر والامتحان، فمن دخل النار فهو الذي لم يمتثل ما أُمر به عند ذلك الامتحان، ويتفق بذلك جمع الأدلة، والعلم عند الله تعالى" (١٦).

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

١ - قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما سُئل عن أطفال المشركين -كما في حديث أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما (١٧) -: "الله أعلم بما كانوا عاملين".

قال ابن القيم: "وفي قوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين" إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا وأن من يطيعه وقت الامتحان


(١٣) وقد تقدم قريبًا ص (٥٠٩).
(١٤) التهذيب لابن القيم هامش عون المعبود (١٢/ ٣٢٣) وانظر طريق الهجرتين (٧٠٢).
(١٥) تفسير ابن كثير (٣/ ٥١).
(١٦) أضواء البيان (٣/ ٤٤٠).
(١٧) تقدم تخريجهما ص (٥٠٨، ٥٠٩).

<<  <   >  >>