للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم في أصلاب آبائهم" (٣٠)، (٣١).

٨ - قالوا: وهذا القول هو الموافق لأصول الشرع وقواعده وللنصوص العامة الدالة على أن الله تعالى لا يعذب أحدًا حتى يبعث إليه رسولًا كقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٣٢).

قال شيخ الإسلام: "وعلى هذا القول تدل الأصول المعلومة من الكتاب والسنة من أن الله لا يُعذب أحدًا حتى يبعث إليه رسولًا" (٣٣).

وقال الطبري في بيان معني الآية السابقة: "يقول تعالى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم" (٣٤).

ثم أخرج عن أبي هريرة رضى الله عنه موقوفًا عليه أنه قال: "إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى نسم الذين ماتوا في الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والشيوخ الذين جاء الإسلام وقد خرفوا، ثم أرسل رسولًا أن ادخلوا النار، فيقولون: كيف ولم يأتنا رسول؟ وايم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا، ثم يرسل إليهم، فيطيعه من كان يريد أن يطيعه قبل "قال أبو هريرة رضى الله عنه: اقرءوا إن شئتم: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٣٥).

قال شيخ الإسلام تعليقًا على هذا الأثر: "فبيَّن أبو هريرة رضى الله عنه أن الله لا يُعذِّب أحدًا حتى يبعث إليه رسولًا، وأنه في الآخرة يمتحن من لم تبلغه


(٣٠) رواه مسلم وقد تقدم تخريجه ص (٥٠٩).
(٣١) انظر مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٢، ٢٨١) شفاء العليل (١/ ٦٦).
(٣٢) سورة الإسراء آية (١٥).
(٣٣) درء التعارض (٨/ ٤٣٧) بتصرف يسير وانظر طريق الهجرتين لابن القيم (٧٠٦).
(٣٤) جامع البيان في تأويل القرآن (٨/ ٥٠).
(٣٥) جامع البيان (٨/ ٥٠) وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره (٧/ ٢٣٢١).

<<  <   >  >>