للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أنه لا يُشترط في الرواة أن يكونوا أئمة فقهاء، وأهل العلم لم يتفقوا على إنكارها بل ولا أكثرهم، وإن أنكرها بعضهم فقد صححها أو بعضها غيرهم (٥)، ثم إن حديث الأسود بن سريع أجود من كثير من الأحاديث التي يُحتج بِها في الأحكام ولهذا رواه الأئمة كأحمد وإسحاق وعلي ابن المديني، كما أن أبا الحسن الأشعري حكى عن أهل السنة والحديث القول بالامتحان مما يدل على أنَّهم أخذوا بموجب هذه الأحاديث.

الوجه الثاني: أن قوله: "وهو أصل عظيم والقطع فيه .. " يُجاب عنه بأن القطع كذلك بتكذيب هذه الأحاديث ورواتِها عقلًا وسمعًا فيه ضعف لا يخفى، وقد نَهى النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن تكذيب أهل الكتاب لئلا يكون ما رووه حقًّا، وهو هنا من باب أولى (٦).

الوجه الثالث: أن قوله إن أحاديث الامتحان قد عارضها ما هو أقوى مجيئًا منها إشارة منه إلى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الله أعلم بما كانوا عاملين" وهذا غير مسلَّم فإن أحاديث الامتحان ليست معارضة لِهذا الحديث وإنما هي زيادة عليه وبيان وتفسير له، وفرق بين المعارضة والزيادة والبيان.

وكذلك القول في حديث سمرة بن جندب في رؤية أولاد المشركين حول إبراهيم عليه السلام في الجنة فإنه غير معارض لأحاديث الامتحان لأن أولئك الأطفال ممن علم الله سعادتَهم ونجاتَهم في ذلك الامتحان.

الوجه الرابع: أن التكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء والقرار وهي الجنة أو النار وأما قبل ذلك فلا ينقطع كما في عرصات القيامة وكما في البرزخ


(٥) انظر لزامًا ص (٥١٦، ٥١٧) من هذا البحث.
(٦) وهذا بطبيعة الحال إذا لم يكن هناك حجة قوية على القطع برد الخبر، أما إن وجدت فلا إشكال.

<<  <   >  >>