للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لم يقدر له، فله حالتان: حالة عجز، وهي مفتاح عمل الشيطان فيلفيه العجز إلى (لو) ولا فائدة في (لو) هاهنا، بل هي مفتاح اللوم والجزع والسخط والأسف والحزن، وذلك كله من عمل الشيطان فنهاه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن افتتاح عمله بهذا المفتاح، وأمره بالحالة الثانية وهي النظر إلى القدر وملاحظته، وأنه لو قدر له لم يفته ولم يغلبه عليه أحد، فلم يبق له هاهنا أنفع من شهود القدر ومشيئة الرب النافذة التى توجب وجود المقدور، وإذا انتفت امتنع وجوده، فلهذا قال: "وإن أصابك شيء" أي: غلبك الأمر ولم يحصل المقصود بعد بذل الجهد (٩) والاستعانة بالله فلا تقل: "لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل" فأرشده إلى ما ينفعه في الحالتين: حالة حصول مطلوبه، وحالة فواته، فلهذا كان هذا الحديث مما لا يستغني عنه العبد أبدًا، بل هو أشد شيء إليه ضرورة" (١٠).

* * *


(٩) في الأصل (جهده) وزدت الألف واللام لكى يستقيم الكلام.
(١٠) نقل ذلك عنه سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد (٦٦٦) وانظر كلامًا له في نفس المعني في إعلام الموقعين (٣/ ١٥٧) وزاد المعاد (٢/ ٣٥٧).

<<  <   >  >>