للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا موافق لما ذكره ابن رجب من أنه يكون في بعض الأجنة دون بعض، وحاصله: حمل الحديث على ظاهره وعدم تأويله، وأن التصوير يمكن أن يكون في الأربعين الثانية.

وقد أشار إلى هذا القول ابن حجر في الفتح ثم قال: "ولكن بقي في حديث حذيفة بن أسيد أنه ذكر العظم واللحم وذلك لا يكون إلا بعد أربعين العلقة، فيقوى ما قال عياض ومن تبعه" (٦).

وقال أيضًا: "والراجح أن التصوير إنما يقع في الأربعين الثالثة" (٧).

وقال ابن القيم: "لا ريب أن التصوير المحسوس وخلق الجلد والعظم واللحم إنما يقع في الأربعين الثالثة، ولا يقع عقيب الأولى، هذا أمر معلوم بالضرورة، فإما أن يكون المراد بالأربعين في هذه الألفاظ: الأربعين الثالثة وسمَّى المضغة فيها نطفة اعتبارًا بأول أحوالها وما كانت عليه.

أو يكون المراد بِها الأربعين الأولى، وسمَّى كتابة تصويره وتقديره تخليقًا اعتبارًا بما يؤول، فيكون قوله: "صورها وخلق سمعها وبصرها" أي قدَّر ذلك وكتبه وأعلم به، ثم يفعله بعد الأربعين الثالثة (٨).

أو يكون المراد به -أي الأربعين- الأربعين الأولى وحقيقة التصوير فيها، فيتعيَّن حمله على تصوير خفي لا يدركه إحساس البشر، فإن النطفة إذا جاوزت الأربعين انتقلت علقة وحينئذ يكون أول مبدأ التخليق، فيكون مع هذا المبدأ: مبدأ التصوير الخفي الذي لا يناله الحس، ثم إذا مضت الأربعون الثالثة صُوِّرت التصوير المحسوس المشاهد.


(٦) فتح الباري (١١/ ٤٨٤)
(٧) المرجع السابق (١١/ ٤٨٥)،
(٨) وهذا هو الذى ذهب إليه القاضي عياض وابن الصلاح كما تقدم ص (٥٥٠).

<<  <   >  >>