للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتفقت الأمة على أن رؤيا الأنبياء وحي، ولهذا أقدم الخليل عليه السلام على ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بالرؤيا (١٠).

إذا تبين هذا -وهو كون الرؤيا من النبوة- فهل يجب العمل بِها والأخذ بمدلولها دون عرض ذلك على الشرع؟

الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الرؤيا إذا كانت من غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه يجب عرضها على الشرع فإن وافقته وإلا لم يعمل بِها، وأنَّها لا يثبت بها شيء من الأحكام الشرعية، وأن العصمة منتفية عنها، وغاية ما فيها أنَّها: تبشير وتحذير، ويصلح الاستئناس بِها إذا وافقت حجة شرعية صحيحة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز أن يثبت بِها شىء بالاتفاق فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "الرؤيا ثلاثة: رؤيا من الله، ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه، ورؤيا من الشيطان" (١١).

فإذا كان جنس الرؤيا تحته أنواع ثلاثة، فلا بد من تمييز كل نوع منها عن نوع" (١٢).

وقال ابن القيم: "والرؤيا كالكشف منها رحماني، ومنها نفساني، ومنها شيطاني" (١٣)، ثم ذكر حديث: الرؤيا ثلاثة.

وقال الشاطبي: "الرؤيا من غير الأنبياء لا يُحكم بِها شرعًا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوَّغتها عُمل بمقتضاها


(١٠) انظر مدارج السالكين (١/ ٦٢).
(١١) متفق عليه من حديث أبي هريرة: البخاري (٦/ ٢٥٧٤) ح (٦٦١٤)، ومسلم (١٥/ ٢٥) ح (٢٢٦٣) وقد ذكره شيخ الإسلام بالمعنى.
(١٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٥٨) وانظر (١١/ ٤٢٩).
(١٣) مدارج السالكين (١/ ٦٢).

<<  <   >  >>