للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتُها البشارة والنذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا" (١٤).

وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي: "الرؤيا قصاراها التبشير والتحذير، وفي الصحيح أن الرؤيا قد تكون حقًّا وهى المعدودة من النبوة، وقد تكون من الشيطان، وقد تكون من حديث النفس، والتمييز مشكل، ومع ذلك فالغالب أن تكون على خلاف الظاهر حتى في رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما قص من ذلك في القرآن، وثبت في الأحاديث الصحيحة، ولهذه الأمور اتفق أهل العلم على أن الرؤيا لا تصلح للحجة، وإنما هى تبشير وتنبيه، وتصلح للاستئناس بِها إذا وافقت حجة شرعية صحيحة" (١٥).

وخالف في هذا الصوفية (١٦) فذهبوا إلى تعظيم شأن الرؤيا المنامية، وجعلها أصلًا في الاستدلال ومصدرًا من مصادر التلقي، بل قدموها على الكتاب والسنة خاصة عند التعارض، وفي كثير من الأحيان يعتمدون عليها في معرفة الأحكام الشرعية دون النظر إلى موافقة الشرع أو مخالفته بل إنَّهم ربما اعتمدوا عليها في معرفة صحيح الأحاديث النبوية من ضعيفها.


(١٤) الاعتصام (١/ ٣٣٢).
(١٥) التنكيل (٢/ ٢٤٢).
(١٦) لفظ الصوفية لم يكن مشهورًا في القرون الثلاثة المفضلة وإنما اشتُهر التكلم به بعد ذلك، وقد اختُلف في أصل كلمة الصوفية واشتقاقها على أقوال كثيرة، رجح شيخ الإسلام ابن تيمية أنه نسبة إلى لبس الصوف. وقد كانت بداية التصوف عبارة عن الزهد في الدنيا والتنسك والعبادة وتفريغ القلب من غير الله، ثم انحرف مفهوم التصوف شيئًا فشيئًا حتى انتهى إلى القول بعقائد باطلة كالحلول والاتحاد وترك الواجبات وفعل المحرمات وغير ذلك. انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي (٢٢٣) وما بعدها، مجموع الفتاوى (١١/ ٥) وما بعدها.

<<  <   >  >>