للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر ما يصرحون بالتلقي عنه منامًا الله عز وجل، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١٧).

قال الشاطبي وهو يذكر مأخذ أهل البدع بالاستدلال -: "وأضعف هؤلاء احتجاجًا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات، وأقبلوا وأعرضوا بسببها، فيقولون: رأينا فلانًا الرجل الصالح، فقال لنا: اتركوا كذا، واعملوا كذا.

ويتفق مثل هذا كثيرًا للمترسمين برسم التصوف، وربما قال بعضهم: رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم، فقال لي كذا، وأمرني بكذا، فيعمل بِها معرضًا عن الحدود الموضوعة في الشريعة" (١٨).

ومن أمثلة ادّعاءاتهم في رؤية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دعوى ابن عربي أنه تلقى كتاب فصوص الحكم (١٩) من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنه أمره أن يخرجه إلى الناس لينتفعوا به (٢٠) فقال في أول كتاب الفصوص: "أما بعد فإني رأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مُبَشِّرة أُرِيتُها في العشر الأواخر من المحرم سنة (٦٢٧ هـ) بمحروسة دمشق وبيده كتاب، فقال لي: هذا كتاب "فصوص الحكم" خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ورسوله وأولي الأمر منا" (٢١).


(١٧) انظر المصادر العامة للتلقي عند الصوفية، لصادق سليم صادق (١٨٣، ١٩٢، ٣٠٩).
(١٨) الاعتصام (١/ ٣٣١).
(١٩) كتاب فصوص الحكم لابن عربي الصوفي مليء بالترهات والضلالات والخرافات كعقيدة الوحدة والاتحاد المخالفة لصريح الكتاب والسنة، فهو يزعم في هذا الكتاب صحة إيمان فرعون، وصحة عبادة قوم نوح عليه السلام، ويقول: إن الذين عبدوا العجل ما عبدوا غير الله، إلى غير ذلك مما يخالف أصل الدين الإسلامي، وقد نقد هذا الكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية وبيَّن ما فيه من الكفر والضلال. انظر مجموع الفتاوى (٢/ ١٢١ - ١٣٣) وقال عنه الذهبي: " إن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر" السير (٢٣/ ٤٨).
(٢٠) وقريب من هذه الدعوى: دعوى عبد الكريم الجيلي (ت ٨٠٥ هـ) أن الله تعالى أمره بتأليف كتابه (الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل) انظر ص (١/ ٧٠) من كتابه هذا.
(٢١) فصوص الحكم ص (٤٧).

<<  <   >  >>