للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناه: لا تتطيروا ولا يقع منكم ذلك، وليس المعنى أن الطيرة مفقودة في الناس.

وكذا "لا هامة" وهى طير معروف.

"ولا صفر" وهو الشهر المعروف، والمراد لا تعتقدوا في شهر صفر ولا في الهامة ما كان الجاهليون يفعلونه ويعتقدونه، وليس بممكن أن يكون نفيًا" (٨).

المسلك الرابع: تخصيص عموم حديث "لا عدوى" بما ورد إثبات العدوى فيه من الأحاديث كالجذام وغيره فيكون معنى قوله: "لا عدوى" أى إلا من الجذام والبرص والجرب مثلًا، وقد نسب ابن حجر هذا القول إلى القاضي أبي بكر الباقلاني وابن بطال (٩) ونصره أيضًا الشوكاني وألَّف فيه رسالة صغيرة سماها (إتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة) قال فيها: "ومن المناسب للعمل الأصولي أن تجعل الأحاديث الواردة بثبوت العدوى في بعض الأمور، والأمر بالتجنب أو الفرار مُخصصة لعموم حديث "لا عدوى" وما ورد في معناه كما هو شأن العام والخاص" (١٠).

المسلك الخامس: "حمل الخطاب بالنفي والإثبات على حالتين مختلفتين فحيث جاء "لا عدوى" كان المخاطب بذلك من قوي يقينه وصح توكله بحيث يستطيع أن يدفع عن نفسه اعتقاد العدوى كما يستطيع أن يدفع التطير الذي يقع في نفس كل أحد، لكن القوي اليقين لا يتأثر به، وعلى هذا يحمل حديث جابر في أكل المجذوم من القصعة (١١) وسائر ما ورد من جنسه. وحيث جاء "فر من المجذوم" كان المخاطب بذلك من ضعف يقينه ولم يتمكن من


(٨) مشكلات الأحاديث النبوية، لعبد الله القصيمي، ص (٨٠). وانظر مفتاح دار السعادة (٣/ ٣٧٥).
(٩) انظر الفتح (١٠/ ١٦٠).
(١٠) إتحاف المهرة (٣) مخطوط، وانظر نيل الأوطار (٧/ ٢٢١).
(١١) سيأتي تخريجه ص (١٠٣).

<<  <   >  >>