للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمام التوكل فلا يكون له قوة على دفع اعتقاد العدوى فأريد بذلك سد باب اعتقاد العدوى عنه بأن لا يباشر ما يكون سببًا لإثباتِها" (١٢).

المسلك السادس: ما ذهب إليه ابن حجر وانتصر له وهو: "أن يقال: إن نفيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للعدوى باقٍ على عمومه وقد صح عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يعدي شيء شيئًا" (١٣) وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد عليه بقوله: "فمن أعدى الأول" يعني أن الله سبحانه وتعالى ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأ الأول، وأما الفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع لئلا يتفق للشخص الذى يخالطه شىء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسمًا للمادة" (١٤).

ويبدو أن ابن حجر رحمه الله تعالى بنى رأيه هذا على الحس، فإنه لما أورد كلام السبكى -وهو قوله في المطعون: "إن شهد طبيبان عارفان مسلمان عدلان أن ذلك سبب في أذى المخالط فالامتناع من مخالطته جائز أو أبلغ من ذلك- قال -يعني ابن حجر-: لا تقبل شهادة من يشهد بذلك لأن الحس يكذبه فهذه الطواعين قد تكرر وجودها في الديار المصرية والشامية وقلَّ أن يخلو بيت منها. ويوجد من أصيب به من يقوم عليه من أهله وخاصته ومُخالطتهم له


(١٢) الفتح (١٠/ ١٦٠).
(١٣) أخرجه الترمذي (تحفة ٦/ ٣٥٤) ح (٢٢٣٠) وأحمد (٦/ ١١٠) ح (٤١٩٨) وابن أبي شيبة في مسنده (١/ ٢٢٨) ح (٣٣٩) كلهم عن عبد الله بن مسعود وضعف إسناده أحمد شاكر وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ١٤٢) ح (١١٥٢) وأخرجه أحمد (١٦/ ١٤٧) ح (٨٣٢٥) والبغوي في شرح السنة (١٢/ ١٦٩) ح (٣٢٤٩) عن أبي هريرة وصحح إسناده أحمد شاكر والألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ١٤٣) ح (١١٥٢).
(١٤) نزهة النظر بشرح نخبة الفكر، ص (٣٤). وانظر الفتح (١٠/ ١٦١). بذل الماعون في فضل الطاعون (٢٩٧).

<<  <   >  >>