للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشد من مخالطة الأجانب قطعًا، والكثير منهم بل الأكثر سالم من ذلك، فمن شهد في أذى المخالط فهو مكابر" (١٥).

وممن ذهب إلى هذا القول أيضًا: الطبري (١٦) والطحاوي (١٧) وابن خزيمة (١٨) والمباركفوري (١٩) عليهم رحمة الله.

المسلك السابع: أن يقال إن قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا عدوى" أراد منه نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها دون تقدير الله تعالى.

وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه" أراد منه الحث على التوكل والصبر تسليمًا لأمر الله تعالى.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وبالجملة ففي النهي عن الدخول في أرضه: الأمر بالحذر والحمية والنهي عن التعرض لأسباب التلف وفي النهي عن الفرار منه الأمر بالتوكل والتسليم والتفويض. فالأول: تأديب وتعليم. والثاني: تفويض وتسليم" (٢٠).

وقال ابن دقيق العيد: "ومن هذه المادة قوله: "لا تتمنوا لقاء العدو وإذا لقيتموهم فاصبروا" (٢١) فأمر بترك التمني لما فيه من التعرض للبلاء وخوف اغترار النفس إذ لا يؤمن غدرها عند الوقوع. ثم أمرهم بالصبر عند الوقوع تسليمًا لأمر الله تعالى" (٢٢).


(١٥) بذل الماعون (٣٤١، ٣٤٢).
(١٦) في تَهذيب الآثار (١/ ٣٠).
(١٧) في شرح معاني الآثار (٤/ ٣١٠).
(١٨) كما نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (١٠/ ١٦١).
(١٩) في تحفة الأحوذي (٥/ ٢٤٢).
(٢٠) زاد المعاد (٤/ ٤٤).
(٢١) متفق عليه: البخاري (٣/ ١١٠٢) ح (٢٨٦٣)، ومسلم (١٢/ ٢٨٩) ح (١٧٤١) عن أبي هريرة.
(٢٢) نقل ذلك عنه ابن ححر في الفتح (١٠/ ١٩٠).

<<  <   >  >>