للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على فهمه ولم ينكره عليه وإنما بين له أن أصل وجود المرض وانتقاله من جسم إلى جسم إنما هو بتقدير الله تعالى ولذلك قال: "فمن أعدى الأول؟ " (١٠).

وأما المسلك الرابع: وهو التخصيص فيمكن الإيراد عليه بأن العدوى موجودة وثابتة في غير الأمراض المذكورة في الأحاديث كالزكام والملاريا مثلًا، فلا معنى إذًا للقول بالتخصيص والله أعلم.

وأما المسلك الخامس: وهو التفريق بين قوي اليقين وضعيفه فإنه قد يتوجه في الجمع بين أكله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع المجذوم -على فرض صحته- وأمره بالفرار منه، لكن لا يتوجه في مثل حديث "لا عدوى" لأنه نكرة في سياق النفى، والنكرة في سياق النفى من صيغ العموم فهو حديث عام يشمل من قوي يقينه ومن ضعف يقينه ثم إنه لا دليل على هذا التفصيل.

كما أن حاصل هذا المسلك هو نفى وقوع العدوى أصلًا، وهذا غير صحيح كما تقدم.

ولهذا قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بعد ذكره لهذا المسلك: "ذكره بعض أصحابنا واختاره وفيه نظر" (١١).

وأما المسلك السادس: وهو ما ذهب إليه ابن حجر وغيره فإنه يجاب عنه بما يلي:

١ - أن اعتماده على الحس فيما ذهب إليه من نفي العدوى غير مسلم به، وقد سبق بيان دلالة النص والاستقراء والطب على وقوع العدوى وأنه لا مجال


(١٠) انظر: مفتاح دار السعادة (٣/ ٣٧٥).
(١١) تيسير العزيز الحميد (٤٢٥).

<<  <   >  >>