للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولمستأجر أنْ يؤجِرَها (١) لمَنْ يقومُ مقامَه، لا أكثرَ ضررًا منه.

حيثُ قبضَ المؤجِرُ الأجرةَ كلَّها (٢)، ولم يخلِّفْ تركةً، وكانت المدَّةُ طويلةً لا تعيشُ الطبقةُ الثانيةُ إلى انقضائِها غالبًا؛ ولذلك قال في "الإقناع" (٣): والذي يتوجَّه أنَّه لا يجوزُ للموقوفِ عليهم أنْ يستسلفوا (٤) الأجرةَ؛ لأنَّهم لم يملِكُوا المنفعةَ المستقبَلةَ ولا الأجرةَ عليها، فالتَّسلُّف لهم قبض ما لا يستحقُّونه؛ بخلاف المالك، وعلى هذا فللبطن الثاني (٢) أن يُطالِبَ بالأجرةِ المستأجِرَ الذي سَلَّفَ المستحقين؛ لأنَّه لم يكن له التَّسليفُ، ولهم أنْ يطالبوا الناظرَ إن كان هو المسلفَ. انتهى. وهذا الذي جزم به في "الإقناع" هو كلامُ الشيخ تقيِّ الدِّين في "الاختيارات" (٥)، وأقرَّه عليه المصنِّف في "شرحه" (٦) وهو أولى من ظاهر "المنتهى"، بل لا يشكُّ لَبيبٌ ديِّنٌ أنَّه لو عرضتْ هذه المسألةُ على الإمامِ أحمدَ لورعِه المشهور، لم يقلْ فيها إلا بما في "الإقناع"، والله أعلم.

وإذا بِيعت الأرضُ المحتكرَة، أو ورثت، فالحِكْر على من انتقلت إليه في الأصحِّ. قاله المصنف نقلًا عن الشيخ تقيِّ الدين.

(و) يجوزُ (لمستأجرِ) عيْنٍ أن يستوفي نفعَها بنفسِه، وله (أنْ يؤجِرَها) أو يُعيرَها (لمن يقومُ مقامَه) في الانتفاعِ أو دونه؛ لأنَّ المنفعَة لمَّا كانت مملوكةً له، جاز له أن يستوفيَها بنفسِه أو نائبِه (لا أكثر ضررًا منه) لأنَّه لا يستحقُّه. فمن اكترى أرضًا لزرعِ بُرٍّ، فلهُ زَرعُ شعيرٍ ونحوِه، لا دُخنٍ ونحوِه، ولا غرسٍ أو بناءٍ. وكذا لا يجوزُ


(١) في المطبوع: "يوجد"، والمثبت موافق لما في "هداية الراغب".
(٢) ليست في (م).
(٣) ٢/ ٥٠٥.
(٤) في (س): "يستلفوا".
(٥) ص ٢٥٦.
(٦) "كشاف القناع" ٣/ ٥٦٧.