للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تشتدُّ إليهِ حاجةُ المبتدئينَ سأَلَنِيْه بعضُ المقصِّرين والعاجزِين.

جعلَه اللهُ خالصًا لوجهِه الكريمِ، وسببًا

ثم وصف المختصر أيضًا بأنه (تشتدُّ إليه) أي: إلى المختصرِ (حاجةُ المبتدئين) في الفقه. ثم ذكر السببَ الحاملَ له على تصنيفه فقال:

(سألنِيه) أي: طلب مني تأليفَه (بعضُ المقصِّرين) في طلبهم، مع قدرتهم على ما هو أطول منه (و) بعضُ (العاجرين) الذين لا قدرةَ لهم على [ما هو] (١) أطول منه (جعله الله) أي: جعل الله جمعه من متفرقاتِ الكتب (خالصًا لوجهِهِ) أي: لطلب مرضاته سبحانه (٢) غيرَ مرادٍ به سواه (الكريمِ) أي: المتفضِّلِ بجميعِ النِّعمِ (وسببًا)

فبلغ العدد بحزرهم ألف ألفٍ وسبع مئة ألف سوى الذين كانوا في السفنِ. نقلَه البيهقيُّ في "مناقبِه" (٣).

(بجميع النِّعم) جمعُ نعمةٍ، قيل: هي بمعنى الرحمةِ، وقيل: أخصُّ منها وهي مُلائمٌ تُحمَدُ عاقبتُه، وعلى هذا فالكافرُ مرحومٌ غيرُ منعمٍ عليه نظرًا للمآلِ (٤). والإنعامُ: الإعطاءُ من غيرِ مقابلةٍ، قال في "القاموس" (٥) أنعَمها اللهُ، وأنعمَ بها: عطيَّتُه. مصنّف على "الإقناع" (٦).

اعلمُ أنَّ الغرضَ من بعثةِ الرسل عليهم الصلاةُ والسلامُ انتظامُ أحوالِ الخلقِ في المعادِ والمعاشِ، فبانتظامِ أحوالِهم في المعادِ تتعلَّق قُواهم النطقيَّةُ وهي العباداتُ، وبانتظام أحوالِهم في المعاش تتعلَّقُ قُواهم الشَّهويَّة وهي المعاملاتُ والمناكحاتُ، والغَضَبيَّة وهي: الجناياتُ، ثم قدَّموا منها ما يتعلَّقُ بالقوى النطقيَّةِ؛ لتعلُّقِه بالخالقِ اعتبارًا بشرفِه؛ لأنَّ


(١) ليست في الأصل و (م).
(٢) بعدها في (ح): "أي".
(٣) وذكره ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص ٥٠١ - ٥٠٥.
(٤) "حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج" ١/ ٢٩ بنحوه.
(٥) مادة: (نعم).
(٦) "كشاف القناع" ١/ ١٠.