للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنْ طلَّقْتُكِ، فأنت طالقٌ قبلَه ثلاثًا. ثمَّ طلَّقها رجعيَّةً، فواحدةٌ بالمنجَّزِ، وتتمَّم الثلاثُ من المعلَّق، ويلغو قوله: قبلَه. وأنتِ طالق إن كلَّمتكِ فتحقَّقي. ونحوه، وقعَ مالم ينوِ كلامًا غيرَه. وأنتِ طالقٌ إنْ خرجتِ إلَّا بإذني. ونحوه. أو إنْ خرجتِ إلى غيرِ الحمَّام بلا إذني، فأنت طالق. فخرجت بإذنه مرَّةً، ثمَّ خرجت بلا إذنِه، أو أَذِنَ لها ولمْ تعلمْ، أو خرجتْ تريدُ الحمَّام وغيرَه، أو عدلتْ منه إلى غيرِه، طلُقتْ،

(و) إن علّقه بالطلاق فقال: (إنْ طلَّقتكِ، فأنتِ طالقٌ قبلَه ثلاثًا. ثم طلَّقها) طلقةً (رجعيَّة) بأنْ قال لها: أنتِ طالقٌ. وكانت مدخولًا بها والطلقةُ بلا عِوَض، (فـ) ــــفي هذه الصُّورةِ دَوْرٌ؛ لتوقُّفِ الثلاث على الطَّلْقة الرجعيَّة؛ لأنَّها معلَّقةٌ عليها، وتوقُّف الرجعيَّةِ على عَدَمِ وقوعِ ثلاثٍ قبلها؛ فمقتضى الدَّور أَلَّا يقعَ شيءٌ في الصُّورة المذكورةِ، ولكن اشتمل تعليقُه على قيْدٍ فاسدٍ، وهو تقييدُه وقوعَ الثلاثِ بكونِه قبلَ الطَّلاقِ، فيلْغُو هذا القيدُ، ويقعُ ثلاثُ طلقاتٍ (واحدةٌ بالمنجَّز) وهو قولُه: أنتِ طالقٌ (وتُتمَّم) أي: تكمَّل (الثلاثُ من المعلَّقِ، ويلغُو قولُه: قبله) وتسمَّى هذه المسألة بـ "السُّريجيَّة" (١).

(و) إنْ علَّقه بتكليمها فقال: (أنتِ طالقٌ إنْ كلَّمتكِ فتحقَّقي. ونحوه) كـ: اسْكُتي، أو تَنَحِّي (وقعَ) الطلاقُ؛ وكذا لو سَمِعها تذكرُه بسوءٍ، فقال: لعن اللهُ الكاذب؛ لأنَّه كلَّمها (ما لم ينوِ كلامًا غيرَه) فعلى ما نوى.

(و) إنْ علَّقه بالإذن، فقال: (أنتِ طالقٌ إنْ خرجتِ إلَّا بإذني. ونحوهِ) كـ: إنْ خرجتِ بغير إذني، أو حتَّى آذَنَ لكِ (أو) قال لها: (إنْ خرجتِ إلى غير الحمَّام بلا إذني، فأنتِ طالق. فخرجتْ بإذنهِ مرَّةً، ثمَّ خرجت بلا إذنه) طَلُقتْ؛ لوجود الصِّفة (أو أَذِن لها) في الخروج (ولم تعلمْ) بالإذنِ وخرجتْ، طَلُقتْ؛ لأنَّ الإذنَ هو الإعلامُ ولم يُعلمْها. (أو خرجتْ) من قال لها: إنْ خرجتِ إلى غيرِ الحمَّام بلا إذني، فأنتِ طالقٌ (تريدُ الحمَّام وغيرَه، أو عدلتْ منه) أي: من الحمَّام (إلى غيره، طَلُقتْ) لأنَّهُ صَدق عليها أنَّها خرجتْ إلى غير الحمَّام.


(١) وسميت بذلك؛ لأن أبا العباس ابن سريج الشافعي أول من قال فيها. "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي ٥/ ٤٦٢.