للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثاني من الماء النجس. والحاصلُ أن الماءَ المتنجِّس تارةٌ يكونُ كثيرًا متغيرًا بالنجاسة، وتارة يكون قليلًا لاقاها.

(لاقى نجاسةً) أي: فإنَّه يتنجَّسُ بمجرَّدِ الملاقاة، ولو لم يتغيَّر بها، ولو جاريًا، ولا اعتبارَ بالجِرْيَة في الأصحِّ حيثُ كانَ الماء قليلًا. والمرادُ بالملاقاة هنا: ورودُ النجاسةِ على الماءِ القليل، لا ورودُ الماءِ على النَّجاسةِ، فإنَّه لا ينجُس والحالةُ هذه ولو تغيَّر حتَّى ينفصلَ، إنْ كانت النجاسةُ قابلة للتطهير، كالنجاسةِ الحكميَّة، كما هو صريحُ كلامِ الأصحاب.

(ولو كانت) أي: النجاسةُ التي لاقتِ الماءَ القليلَ (صغيرة لا يُدرِكُها طَرفٌ) بسكونِ الراء، وهو العينُ (١). أي: لم يشاهدها بَصَرٌ، كالنجاسة الخفيفةِ التي تعلَقُ بأرجلِ الذُّبابِ، مثل أنْ تكونَ ذبابةٌ على نجاسةٍ رطبةٍ، ثمَّ تطيرَ فتسقطَ في الماء القليل، فإنَّه ينجسُ بها بمجردِ الملاقاة. وفي "عيون المسائل": لابدَّ وأنْ يُدْرِكَها الطَّرف، وِفاقًا للشافعيِّ. والمذهبُ خلافه؛ لأن الماءَ القليلَ ليس له قوَّةٌ يَدفعُ بها النجاسةَ عن نفسه، فاستوى فيه كثيرُ النجاسةِ وقليلُها، ولو غيرَ مشاهدة. دنوشري. وظاهر كلام الأصحاب: أنَّ ذلك إذا كان من نجاسةٍ لا يُعفَى عنها، [إذا سَقط على الثيابِ والبدن كالماء] (٢). ويتوجَّهُ العفوُ عن ذلك في غيرِ الماء؛ لحصولِ الفَرقِ بين الماءِ وغيره من وجهين:

أحدهما: أنَّ صونَ الماء عن النَّجاسة بتغطيةِ الإناءِ يمكن، بخلاف الثوب، فإنَّه لا يمكنُ صَونُه عنه؛ لبروزه.


(١) "القاموس" (طرف).
(٢) وقع في الأصل في هذا الموضع تراكب في الكلمات والحروف. والمثبت استظهرناه من "مطالب أولي النهى" ١/ ٤٠ - ٤١.