للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نَجِس يُمكنُ تطهيرُه، لا ينجُسُ بمجرَّدِ الملاقاةِ للنَّجاسةِ، وإلَّا لم يُمكن تطهيرُ نجاسةٍ بماء قليلٍ.

وها هنا مسألةٌ يغلَطُ فيها بعض حنابلةِ مصرَ، وهي: ما إذا نزلَ من نحوِ راويةٍ أو إبريقٍ ماءٌ

وثانيهما: أن الذبابَ إذا ارتفعَ عن النَّجاسة، جفَّ ما عَلِقَ به من النَّجاسةِ بالهواء فلا يُؤثِّر في الثوب، ولأنَّ ثبوتَ النَّجاسةِ فيه أخفُّ. أفاده شيشيني.

(أو لم يَمْضِ زمنٌ تسري فيه) النجاسةُ، فإنَّه لا ينجسُ بها فورًا؛ لأنَّه قليل، والقليلُ ضعيفٌ في نفسه.

(ولو كَثُرا) أي: المائع والطاهر. أي: يَنْجُس كلُّ مائعٍ، كزيتٍ، ولبنٍ، وسمنٍ، وكل طاهرٍ، كماء وردٍ ونحوه، بملاقاةِ نجاسةٍ، ولو مَغفوًّا عنها، ولو كانا كثيرين، ولو لم يتغيَّر بها. خلافًا لصاحب "الإقناع" في الماء الطاهر إذا صار كثيرًا قال: وان وقعت في مستعمَلٍ في رَفْعِ حدثٍ، أو في طاهرٍ غيرِه مِن الماء [لم] يَنجُس كثيرُه بدون تغيُّرٍ، كالطَّهُور (١).

والصحيحُ خلافُه، وقد وردَ عن النبيِّ أنَّه سُئل عن الفأرة تَقَعُ في السَّمنِ فقال: "إنْ كان جامِدًا فألقُوها وما حولَها، وإنْ كان مائعًا، فلا تقربُوها". رواه الإمام أحمد (٢)، فقد ثبت بهذا أنه نَهى عن قُربانه إذا كان مائعًا، ولم يُفَرِّق بين كثيرِه وقليله، فدل على تنجُّسِه بمجرَّدِ الملاقاة؛ لأن المائعاتِ لا تُطَهِّر غيرَها، فلا تدفع النجاسةَ عن نفسها كالطَّاهر الكثير. دنوشري.

(لا ينجُس بمجردِ الملاقاة للنَّجاسة) أي: فإن الماءَ باقٍ على طهوريتَّه قبلَ انفصالِه عنه، ولو تغيَّر بالنجاسةِ؛ للمشقَّةِ والحرج، كلما تقدَّم (وإلا لم يمكن (٣) … إلخ) أي: والَّا بأن


(١) في "الإقناع" ١/ ١١. وما بين حاصرتين منه.
(٢) في "مسنده" (٧٦٠١)، وأخرجه أيضًا أبو داود (٣٨٤٢) من حديث أبي هريرة .
(٣) في الأصل: "يكن".