للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويَطهُر

على نجاسةٍ، فينجِّسونَ بذلكَ ما في نحوِ الرَّاويةِ أو الإبريقِ منَ الماءِ، ولا وجهَ لتَنجِيسِه أصلًا، فإنَّ الأصحابَ قسموا النَّجِسَ إلى قسمينِ: متغيِّر بالنَّجاسةِ، وملاقٍ لها.

والتَّقسيمُ في موضعِ البيانِ يُفيدُ الحصرَ، وما في نحوِ الرَّاويةِ أو الإبريقِ منَ الماءِ في الصُّورةِ المذكورةِ ليسَ واحدًا منَ القسمين. وقد صرَّحَ بمعنى ذلكَ في "التَلخيصِ"، وأشارَ إليه في "الرِّعايةِ الكُبرى". وقد رأيتُ بخطِّ شيخِ شيخِنا الشيخِ عبدِ الرحمن البهوتي (١)، شيخ المصنف أيضًا ما معناه: أنَّه لو صُبَّ من الإبريق على محلِّ الاستنجاءِ، لم ينجُس ما في الإبريقِ. انتهى. وهو مما لا يَشكُّ فيه مَن له أدنى اشتغالٌ بالفقهِ، فتأمل، والله أعلم.

ثم أشارَ إلى كيفيةِ تطهيرِ هذا الماء المتنجِّسِ فقال: (ويطهُر) الماءُ النجسُ، قليلًا

تنجس الماءُ اليسير بمحلِّ تطهير، لم تطهر نجاسته … إلخ؛ للمشقَّة والحرج. (ليس واحدًا من القسمين) لأنَّ الماءَ الذي في الراويةِ (٢) ليس متغيرًا بالنجاسة، ولا ملاقٍ للنجاسة، ولا واردًا عليها فرضًا، ومن المعلوم أن حُكمَ الواردِ على الطهوريَّة كما تقدَّم.

(ويَطهُر الماءُ النجسُ … إلخ) أي: ويطهر الماءُ الذي تنجَّس. شرع في بيانِ تطهيرِ ما تنجَّس من الماء، فتارةَ يكونُ الماءُ المتنجِّس قليلًا، فيطهُر بإضافةِ ماء طهورٍ إليه كثيرٍ، مع زوال تغيُّره، إن كان متغيرًا، وإن كانت الإضافة شيئًا فشيئًا. قال محمد الخلوتيُّ: ولا ينجسُ المضافُ بالمضاف إليه؛ لأنَّه واردٌ بمحل التطهير. فتفطَّن، ولا تلتفت إلى ما في "المستوعب".


(١) هو: عبد الرحمن بن يوسف بن علي البهوتي المصري له: "حاشية على تفسير البيضاوي" كان حيًّا في سنة (١٠٤٠ هـ) وعاش نحو ١٣٠ سنة. "النعت الأكمل" ص ٢٠٤، "خلاصة الأثر" ٢/ ٤٠٥، "معجم المؤلفين" ٢/ ١٢٨.
(٢) فى الأصل: "الرواية" وهو خطأ.