للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهما: أربع مئة رطْلٍ وستَّةٌ وأربعونَ وثلاثةُ أسباعِ رطلٍ مصريٍّ، لم ينجُس

(وهما) أي: القلَّتانِ (أربعُ مئةِ رِطلٍ وستةٌ وأربعون) رطلًا (وثلاثةُ أسباع رطلٍ مصريٍّ، لم يَنْجُس) بملاقاةِ النَّجاسةِ، ولو كانت بولَ آدميٍّ أو عَذِرَتَه

والمرادُ بالقلَّتَين أن يكونا من قِلالِ هَجَر -بفتح الهاء والجيم- وهي قرية كانت بالقُربِ من المدينة المنورة- على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- تنسَبُ القلالُ إليها. و "القُلَّتَين": تثنيةُ قُلَّةِ، وهي اسمٌ لكلِّ ما علا وارتفع، ومنه قُلَّةُ الجبل، والمراد هنا الجرَّةُ الكبيرةُ، سمِّيت بذلك قُلَّة؛ لعلُّوِها وارتفاعها، وقيل: لأنَّ الرجلَ العظيمَ يُقِلُّها بيده، أي: يرفعها، والتحديدُ بقلالِ هَجَر. وفي حديث الإسراء أن النبيَّ قال: "ثمَّ رُفعَت لي سِدْرةُ المنتهى، فإذا وَرَقُها مثلُ آذانِ الفِيَلة، وإذا نَبِقُها (١) مثلُ قلال هجر". رواه البخاري (٢). دنوشري.

(ولو … بولَ أدميٍّ أو عَذِرتَه) أشار بهذا ردًّا لما ذكره في "المنتهى" عن أكثرِ المتقدِّمين؛ لضعفِه. وعبارةُ "المنتهى" مع "شرحه" الصغير: وإنْ لم يتغيَّر الطَّهورُ الكثيرُ، لم ينجس بملاقاةِ النجاسة؛ لحديث القلَّتَين، إلَّا ببولِ آدميٍّ ولو صغيرًا، أو عَذرةٍ منه رطبةٍ مائعةٍ أو لا، أو يابسةٍ ذابت فيه، فينجسُ بهما دونَ سائر النجاسات عند أكثر المتقدِّمين من الأصحاب والمتوسِّطين (٣).

قال حفيد: هو لأكثرِ المتقدِّمين والمتوسِّطين القائلين بنجاسةِ الماء الكثير بذلك بمجرَّدِ الملاقاة. ودليلُهم ما ذكره المصنف في "شرحه" من قوله: لحديث أبي هريرة … إلخ (٤). ولا ينجسُ عند المتأخرين، كابنِ عقيل (٥)،


(١) النَّبق: بفتح النون، وكسر الباء، وقد تسكَّن: ثمر السِّدر، واحدته: نبقة ونبْقة، وأشبه شيء به العناب قبل أن تشتد حمرته. "النهاية" (نبق).
(٢) في "صحيحه" (٣٢٠٧) و (٣٨٨٧) مطولًا، وهو أيضًا عند أحمد (١٧٨٣٣) من حديث مالك بن صعصعة .
(٣) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٣٧.
(٤) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٣٨.
(٥) هو أبو الوفاء، علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي، الفقيه الأصولي، أحد أئمة الحنابلة الأعلام، من مصنفاته: "الواضح" في أصول الفقه، "التذكرة" في الفقه، وغيرهما. (ت ٥١٣ هـ). "ذيل طبقات الحنابلة" ١/ ١٤٢.