للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لأحمدَ (١). فدلَّ بمنطوقِه على دفعِ (٢) القُلَّتينِ للنَّجاسةِ عنهما، وبمفهومهِ على نجاسةِ ما لم يَبْلُغهما؛ فلذلك جعلناهُما حدَّ الكثيرِ (٣).

(فدلَّ بمنطوقه على دَفْعِ القُلَّتين للنَّجاسة) فمعنى الدَّفْع: المنعُ قبل النزول. والرَّفْع معناهُ: إزالةُ موجود. ولذلك يُسَنُّ لمن دعا برَفْعِ ما وقع، جَعْلُ ظهورِ كفَّيْه للسماء، أو بدَفْعِ ما ينزل، بطونِهما، فالطلاقُ يرفعُ النكاحَ، ولا يدفعه؛ لحِلِّ ارتجاعِ المطلَّقة، وعكسُه الإحرامُ وعدَّة الشبهة، فإنَّهما لا يَرفعان النِّكاح، ويمنعان ابتداءَه، فعُلِمَ أنَّ الشيء قد يَدْفَعُ فقط كهذين، وقد يَرْفعُ فقط كالطلاق.

والماءُ ينقسم باعتبار الدَّفْع والرَّفْع إلى ثلاثة أقسام:

قسمٌ يَدفع وَيرفع، وهو الماءُ الكثير، فإنَّه يَرفعُ الحدثَ، ويدفعُ الخبثَ لو وَرَدَ عليه، حيثُ لم يتغيَّر به.

وقسمٌ لا يَدفع ولا يَرفع، كالماءِ المستعمَل.

وقسمٌ يرفعُ ولا يدفع، وهو الماءُ القليلُ، فإنَّه يرفعُ الحدثَ، ولا يدفعُ الخبثَ لو وَرَدَ عليه. وأمَّا القسمُ الرابع الذي تقتضيه القسمةُ العقليَّةُ، وهو الذي يَدفعُ ولا يَرفع، فلا يتأتَّى في الماء. فتأمَّل.

ومنطوقُ الروايةِ الثانية: "لم يحمل الخبث"، أي: لم ينجسْ، سواءٌ تغيَّر أم لا، وكذا الروايةُ الأولى.


(١) الرواية الأولى أخرجها أبو داود (٦٥)، وابن ماجه (٥١٧) و (٥١٨)، وأحمد (٤٧٥٣)، والحاكم ١/ ١٣٢.
والرواية الثانية أخرجها أبو داود (٦٣) و (٦٤)، والترمذي (٦٧)، والنسائي ١/ ١٧٥، وأحمد (٤٦٠٥)، والحاكم ١/ ١٣٣، ولفظ الحديث: "إذا كان الماء قلتين … ". وينظر الكلام عليه في "التلخيص الحبير" لابن حجر ١/ ١٦ - ١٨.
(٢) فى (م) و (ز): "رفع".
(٣) فى (ز): "حدًا للكثير".