للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إنِ احتُمِلَ تغيُّرُ الماءِ بشيءٍ فيه من نجسٍ أو غيرهِ، عُمِل به. وإن احتُمل التَّغيُّرُ بالطَّاهرِ والنّجسِ،

طرح احتمال الشكِّ، وهذا معنى كلام المصنِّف على "المنتهى" (١): ومحلُّه إذا لم يكن تغيُّره لو فُرِض بالطاهر، يسلبُه الطهوريَّة. أي: محلُّ كون الأصل البقاء على الطهوريَّة: إنْ لم يكن … إلخ.

قال المصنِّفُ في "حاشية المنتهى": لكن الظاهر أنَّ المرادَ بالتغيُّر اليسيرُ الذي لا يَسلُبُ الطهوريَّة، وإلَّا لتنجَّسَ، ولو فرضنا التغيُّر بالطَّاهر؛ لملاقاتِه للنَّجاسة، إذ الطاهر لا يدفعُها عن نفسه، ولو كثر، على ما مرَّ توضيحُ هذا بالمثال كما أفاده. ح ف. كما لو وقع في ماءٍ كثير روثُ حمارٍ وروثُ فرسٍ، وتغيَّر لونُه تغيَّرًا يسيرًا، ولم يُعْلَم من أيِّهما تغيَّر، فإنَّا نحكمُ بطهارتِه. أمَّا إنْ تغيَّر تغيُّرًا كثيرًا، فإنَّه ينجُس بذلك، على تقدير أنَّه تغيَّر بالطَّاهر، فقد صار طاهرًا وقد لاقتهُ نجاسةٌ، فيصيرُ نجِسًا، فعُلِم منه أنَّه لو علِم أنَّ التغيُّر من النجاسة، بأنْ كان يصلحُ أنْ يكونَ منها، فهو نجس، وإن عُلِم أنَّه من الطاهر، فهو طاهرٌ، حيثُ كان التغيُّر يسيرًا، وكان من صفةٍ واحدة.

(وإن احتملَ التغيُّر بالطاهر … إلخ) عطفٌ على "إن احتمل" الأوَّل، هذا معنى قول صاحب "المنتهى" مع "شرح" للدنوشري: أو سقطَ في الماء الكثير طاهرٌ بيقين ونجسٌ بيقين، وتغيَّر بأحدِهما، ولم يُعْلَم هل تغيَّر بالطاهر أو بالنجس، فإنَّه باقٍ على طهوريَّته، حيث كانت الطهوريَّة متيقَّنةً قبل ذلك، ولا عبرةَ بما يطرؤ من الشكِّ.

فإنْ قلت: إنَّ تَغيُّرَ الماء في هذه المسألةِ لا يخلو إمَّا أنْ يكونَ بالطَّاهر، أو بالنَّجس، وإذا انتفى أنْ يكونَ التغيُّر بالنَّجس، فقد تغيَّر بالطاهر، والطاهرُ ينجُس بمجرَّدِ ملاقاةِ النجاسة، فهو نجس؟


(١) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٤٦.