للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: بأحدِهما فقط، فطهورٌ إن كانَ التَّغيُّرُ يسيرًا، وإلَّا فنجِسٌ ولو كثيرًا؛ لأنَّه طاهرٌ لاقى نجاسةً، وهو لا يدفعُها عن نفسِه.

قلت: هذا على التغيُّر بالمجاور الطاهر لا الممازج، وحيثُ لا يتحقَّق كونُه من النجس، فأصلُه الطَّهوريَّةُ.

فإن قلت: يحتملُ أنه تغيَّر بالنجس، فهو نجس.

قلت: ويحتملُ أنَّه إنَّما تغيَّر بالطاهر المجاور، فهو باقٍ على طهوريته، وإذا احتمل واحتمل، سقطَ التعليلُ به، كما أن الدليلَ إذا اعتراه الاحتمالُ، سقط به الاستدلال، فالتعليلُ من باب أولى، ومثله ذَرْقُ (١) طائرٍ لم يُعلَم كونُه مأكولًا أو غيرَ مأكول.

"فرع": إذا أصابَه ماءُ ميزابٍ، ولا أمارة تدلُّ على النجاسة، كُرِهَ سؤالُه عنه. نقلَه صالحٌ (٢)؛ لقولِ عمر: يا صاحبَ الحوض لا تخبرنا (٣). فلا يلزمُ الجواب، وأوجب الأزَجيُّ (٤) إجابته إن علم نجاسته، وهو حسن (٥). قال المصنِّف: ولعلَّ كلام غيره لا يخالفه.

(أي: بأحدهما) أشار بهذا التفسير إلى أنَّ الواو في "الطاهر والنجس" بمعنى "أو".

(وإلَّا فنجسٌ) بأن احتملَ تغيُّره بالنجس فقط، فهو نجسٌ، ولو كانَ الماءُ كثيرًا.


(١) ذرْق الطائر: خُرْؤه. "اللسان" (ذرق).
(٢) هو أبو الفضل، صالح بن أحمد بن حنبل، وهو أكبر أولاده، سمع من أبيه مسائل كثيرة، وولي القضاء. (ت ٢٦٦ هـ) "طبقات الحنابلة" ١/ ١٧٣ - ١٧٦.
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" ١/ ٢٣ - ٢٤، وعبد الرزاق في "المصنف" ١/ ٧٧، والدارقطني في "سننه" (٦٢). قال النووي: وهذا الاثر إسناده صحيح إلى يحيى بن عبد الرحمن، لكنه مرسل منقطع، فإنَّ يحيى وإن كان ثقة، فلم يدرك عمر، بل ولد في خلافة عثمان، هذا هو الصواب. قال يحيى بن معين: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عمر باطل، وكذا قاله غير ابن معين، إلا أن هذا المرسل له شواهد تقويه. "المجموع" ١/ ٢٢٨.
(٤) هو يحيى بن يحيى الأزجي، صاحب كتاب "نهابة المطلب في علم المذهب"، يقول ابن رجب: وهو كتابٌ كبيرٌ جدًا .. ، ويغلب على ظني أنه توفي بعد السِّت منة بقليل. "ذيل طبقات الحنابلة" ٢/ ١٢٠.
(٥) قال المرداوي: وهو الصواب. "الإنصاف" ١/ ١٢٧.