للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن اشتبهَ طَهورٌ بنجِس، لم يتحرَّ

قالَ المصنِّفُ (١): قلتُ: وكذا إذا أخبَرَه بما يسلُبُ الطَّهورَيَّةَ مع بقاءِ الطَّهارةِ؛ فيعملُ المخبَر بمذهبهِ فيه.

(وإن اشتَبَهَ) أي: التبسَ عليهِ ماءٌ (طهورٌ بنَجس) ولم يُمكن تطهيرُه بهِ، وإلَّا بأن كان الطَّهورُ قُلتينِ وعنده إناءٌ يسعُهما، وجبَ عليه ذلك (لم يَتحرَّ) أي: لم يجب عليهِ أن ينظرَ أيهما يغلبُ على ظنِّهِ أنَّه الطَّهورُ فيستعملُه، بل لا يجوزُ له التحري للطَّهارةِ؛

(ولم يُمكِن تطهيره به) أي: لمَّا اشتبهَ على المستعمِل الماءَ في الطهارة الماءُ الطهور بالماء النَّجِس، ولا يمكنُ تطهيرُ الماء النجسِ بالماءِ الطهور، بأن كان الطَّهور دونَ قلَّتين، لما تقدَّمَ أنَّه يُشترط في تطهير الماءِ القليل إضافةُ كثيرٍ إليه، مع زوال التغيُّر، وكذا إن كانَ الطَّهورُ قُلَّتين، وليس عنده ما يَسَعُ الماءَين، وإلَّا وجبَ عليه تطهيره بالإضافة، إذا زالَ التغيُّر واستعملَه، لأنَّ من شرط التيمُّم العجزُ عن الماء، ومتى أمكنَ تطهيرُه، كان قادرًا عليه، فلزمه استعمالُه، ولم يصحَّ تيمُّمُه. حفيد بإيضاح. (وإلا) بأنْ كانَ يُمكِن تطهيرُه (بأن كانَ الطهورُ … إلخ) فهو تصويرٌ لإمكانِ تطهيرِ الماءِ المشتبِه بالماء النَّجِس.

وقوله: (وجب عليه ذلك) أي: وجبَ عليه تطهيرُه، أي: يلزمه خلطُهما واستعماله (لم يتحرَّ) قَيْدٌ في عدم إمكان تطهيره، يعني أنه إذا اشتبه الماءُ الطهورُ بالماء النجِسِ، ولم يُمكن تطهيرُ النجِس بالطهور، ولا مباحٌ طهورٌ موجود بيقين، لم يتحرَّ في هذين الماءين المشتَبهين، ولو لم يكن هناك ماءٌ مباحٌ طهورٌ بيقين، ولا يكون فَقْده الطهور بيقين عذرًا في الإِقدام على التحرِّي والاجتهاد؛ لأنه قد اشتبهَ عليه المحظورُ بالمباح في موضع لا تبيحه الضرورةُ، فلم يَجُزْ له أن يجتهدَ فيها، ويجب الكفُّ عنهما. دنوشري مع زيادة.


(١) "كشاف القناع" ١/ ٤٦.