لأنَّه قد اشتبهَ المباحُ بالمحظورِ في موضع لا تُبيحُهُ الضَّرورةُ فيتركُهما وجوبًا.
(ويَتيمَّمُ لعدمِ غيرِهما) أي: المُشْتَبِهَيْنِ، ولا يلزمُه إراقتُهما ولا خلطُهما.
وعُلم منه أنَّه لو وجدَ طَهورًا بيقينٍ، تعيَّنَ استعمالُه، وكذا يتركُ مباحًا اشتبهَ بمحرَّم، ويتيمَّمُ من غيرِ تحرٍّ؛ لعدمِ غيرِهما.
ثمَّ إن عَلِمَ الطَّهورَ أو المباحَ بعدَ فعلِ ما تيمَّمَ له، لم يُعِد،
(لأنَّه قد اشتبه المباحُ بالمحظور) أي: مباح الاستعمال، تعليل لتَركِ التحرِّي. (ويتيمَّم لعدمِ غيرِهما) قال في "المنتهى"(١): بلا إعدامٍ. قال في "شرحه" للدنوشري: أي: بلا إراقةِ؛ لأنَه عادمٌ للماء الطهورِ حكمًا. وعنه: يشترط لصحَّة التيمَّم إعدامُ الماءَين. واختاره الخرقيُّ؛ ليصير عادمًا للطهور بيقين. والمذهب الأوَّل؛ لأن الفَقدَ الشرعيَّ كالفقد الحسيِّ، وعلى الصحيح من المذهب لا يعيد الصلاة التي صلاها بهذا التيمم مع وجود الماء المشتبه بالنَّجِس، لو عَلِمَه بعد الصلاةِ بهذا التيمُّم كان فاقدًا للماء الطهور شرعًا، فلا إعادةَ عليه، ولا يلزم مَن أراد استعمال الماء السؤالُ عن كونه طاهرًا أو طهورًا أو نجسًا؛ لأنَّ الأصلَ الطهارةُ. (ولا خلطُهما) لأنَّ الطهورَ إذا كان قليلًا كان خلطُهما لا يطهِّرهما، فلا فائدةَ في الخلط. ح ف.
(وكذا يترك مباحًا اشتبه بمحرَّم) أي: يترك استعمالَ ماءٍ مباحٍ اشتبه بماء محرَّم، كمغصوب، ومسروق، وما ثمنه المعيَّن حرام، وهو يريد رَفْعَ الحدث. (ثم إن عَلِم … إلخ) هذا تفصيلٌ لمن اشبهَ عليه الماءُ المباحُ بالمحرَّم، والطهور بالنَّجِس؛ أخذًا من قوله:"أو المباح" فالظرفُ متعلِّقٌ بعَلِم وكذا قوله: "وقَبل" أي: وأثم "إنْ عَلِم الطهور … إلخ" قبلَ فراغه. (لم يُعِد) أي: لم يُعِد الصلاةَ إذا تيمَّم وصلَّى إذن، وعُلِم منه: إذا عَلِم وهو فيها