للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير

وصُفْرٍ، وحديدٍ؛ لما روَى عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ قالَ: "أتانا رسولُ الله فأخرَجْنا له ماءً في تَورٍ من صُفْرٍ فتَوَضَّأ" رواه البخاري (١).

والتَّور -بالمثنَّاة الفوقيَّة كما في "المصباحِ"-: إناءٌ صغيرٌ يُشرب به، فارسيٌّ معرَّب (٢). وقد وردَ أنَّه توضأ من جَفنة (٣) وقِربة (٤)، فثبتَ الحكمُ فيها؛ لفعلهِ، وما في معناها مقيسٌ عليها؛ ولأن العلَّة المحرِّمة للنقدينِ مفقودةٌ في الثمينِ.

ويُستثنى من إباحةِ الإناء الطَّاهرِ ما أشار إليه بقوله:

(غيرَ) عظمِ آدميٍّ وجلدِه، ومغصوبٍ،

(وصُفرٍ) وهو النحاس. منه (من جَفنةٍ) وهي قصعةٌ صغيرةٌ. منه (وما في معناها) أي: الجَفْنة أو القِربة، أو أنَّ المعطوفَ والمعطوفَ عليه كالشيءِ الواحد، فلم يُثنِّهما لذلك، والذي في معناهما في جواز الاستعمال الجوهرُ، واللؤلؤُ، والمرجانُ، وغيرُ ذلك ممَّا ذكرَه الشارح.

(ولأنَّ العلَّةَ المُحرِّمةَ … إلخ) عطفٌ على قوله: "لما روى عبدُ الله … إلخ) وهي تضييق النقدَين، والخُيلاء، وكسرُ قلوب الفقراء. دنوشري وزيادة.

(غيرَ عظمِ آدميٍّ … إلخ) مستثنًى من قوله: "ويباح كلُّ طاهرٍ … إلخ" يعني أنَّ ما ورد


(١) في "صحيحه" (١٩٧).
(٢) "المصباح": (تور) وعبارته فيه: إناء معروف تُذكِّره العرب، والجمع أتوار.
(٣) أخرجه أبو داود (٦٨)، والترمذي (٦٥)، وابن ماجه (٣٧٠)، وأحمد (٣١٢٠) عن ابن عباس قال: اغتسل بعض أزواج النبي في جفنة، فأراد رسول الله أن يتوضأ منه، فقالت: يا رسول الله، إني كنت جنبًا، فقال: "إن الماء لا يُجنبْ". والجفنة: القصعة، والجمع جفان وجفنات. "القاموس": (جفن).
(٤) أخرجه البخاري (٦٣١٦)، ومسلم (٧٦٣) عن ابن عباس قال: بتُّ عند ميمونة، فقام النبي فأتى حاجته فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام فأتى القِربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين ضوءين … الحديث.