للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رسولَ الله يقولُ: "لا تَشرَبوا في آنيةِ الذَّهب والفضَّةِ، ولا تأكُلوا في صِحَافِها، فإنَّها لهم في الدُّنيا ولكم في الآخِرةِ" ورَوَت أمُّ سلمةَ ، أن النَّبيَّ قال: "الذي يَشرب في آنيةِ الذهبِ والفضَّةِ إنما يُجَرجِرُ في بطنهِ نارَ جهنَّمَ" متفق عليهما (١). والجَرْجَرَةُ: صوتُ وقوعِ الماءِ بانحدارِه في الجوف (٢).

(ولا تأكلوا في صحافها) جمع صَحيفة: وهي القصعَةُ، وقيل: القصعة التي تُشبعُ العشرةَ، والصحفة التي تُشبعُ الخمسةَ. شيشيني. (فإنَّها لهم في الدنيا) أي: للكفَّار في الدنيا، ولا يدلُّ هذا على إباحتِها للكفَّار، فإنهم مخاطبونَ بفروعِ الشريعة على الصحيح، كما تقرَّر في الأصول، بل معناهُ أنَّهم لا يُمنَعون منها، فهي عندهم بمنزلةِ المباحة. شيشيني. بل لهم في الدنيا؛ استدراجًا وإملاءً، وللمسلمينَ في الآخرة؛ تنعُّمًا وإكرامًا. (إنَّما يُجرجِر … إلخ) قال الشيشيني: بضمِّ الياء، وكسر الجيم الثانية، ورُوي: "نارَ جهنم" بالنصب، وهو المشهور، فيكونُ الفاعلُ مضمَرًا، وهو ضميرُ الشارب، ومعناه: أن الشاربَ يُلْقي النارَ في جوفه بِجُرَعٍ متتابعةٍ يُسْمَعُ له صوتْ مردَّدٌ في حَلقِه. وأجازَ هذا الخطابيُّ والزَّجَّاجُ والمحقِّقون. وروي: "نارُ" بالرفع على الفاعليَّة، ومعناه: تصوِّت في جوفِه النارُ، وسُمِّي المشروبُ نارًا؛ باعتبار ما يؤول إليه؛ لأنه جزاؤه ومبيته، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ١٠] أي: سيدخلونها، وكما سُمِّيت الخمرُ إثمًا؛ لأن شُرْبها يُوجِبُ الإثم، أو يكون على حذف مضافٍ تقديرُه: ما يوجِبُ له النار، لا شربه النار، والحاصل أن مجموعَ الحديثين التوعُّدُ على ذلك بالنار، فدلَّ على تحريمه. (والجرجرة) هي (صوتُ وقوع الماء بانحداره في الجوف).

ولا أجرة لصناعةِ أواني الذهبِ والفضةِ وجميعِ آلاتِ اللهو؛ لكونها صناعة محرَّمة، ولا أرشَ لكسرها. دنوشري.


(١) حديث حذيفة عند البخارى (٥٦٣٣)، ومسلم (٢٠٦٧)، وحديث أم سلمة عند البخارى (٥٦٣٤)، ومسلم (٢٠٦٥).
(٢) "النهاية في غريب الحديث" ١/ ٢٥٥.