للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا مضبَّبًا بيسير من فضَّة لحاجةٍ،

، أنَّ النَّبيَّ قال: "مَنْ شَرِبَ من إناءِ ذهبٍ أو فضَّةٍ أو من إناءٍ فيه شيءٌ من ذلك فإنما يُجَرْجِرُ في بطنِه نارَ جهنَّمَ" رواه الدارقطني (١).

(إلا) إناءً (مُضَبَّبًا بيسيرٍ) عرفًا (من فضَّةٍ؛ لحاجةِ) الإناءِ، وهي: أن يتعلَّقَ بها غرضٌ غيرُ الزينةِ ولو وُجِدَ غيرُها، كما لو انكسرَ الإناءُ فيباحُ اتخاذُ الضَّبَّةِ المذكورةِ إذن واستعمالُها؛ لحديثِ أنسٍ : أنَّ قدحَ النَّبيِّ انكسرَ فاتخذَ مكانَ (٢)

الخيلاءُ … إلخ، موجودةٌ في ذلك. دنوشري.

(إلَّا إناءً مضَببًّا بيسيرٍ … إلخ) مستثنًى من استعمالِ الذهب والفضة، والضَّبَّةُ في هذا المحلِّ: ما يُصلَح به الإناءُ من ذهبٍ أو فضةٍ، وهو حرامٌ إلا إذا ضُبِّبَ بضبَّةِ يسيرةٍ عرفًا من فضَّةٍ، لحاجةٍ ككسرِ القدحِ، ولا بأسَ بها حينئذٍ؛ لما قامَ على ذلك من الدليل، ونفيِ العلَّة المُحَرِّمة لذلك من معنى السرفِ والخيلاء. وفهم من قوله: (من فضَّةٍ) أن الضبَّة إذا كانت من ذهب، فهي حرامٌ مطلقًا، ولو كانت يسيرةً، حيث كانت لغيرِ حاجةٍ، والحاجةُ هي التي يتعلَّق بها غرضٌ غير زينةٍ، فمتى جُعِلت الضبَّةُ للزينةِ وغيرها، حُرِّمت؛ تغليبًا للزينة، ومراده بالحاجة أن يتعلَّقَ بها غرضٌ، بأنْ تدعوَ الحاجةُ إلى فعلها. وليس معناهُ أنْ لا تندفعَ بغيره.

قال الشيخ تقيُّ الدين: مرادهم أن يحتاجَ إلى تلك الصورةِ، لا إلى كونها من ذهب أو فضةٍ، وليس معناهُ أن الحاجةَ لا تندفعُ إلا بالضَّبَّةِ من الفضَّة (٣).

وممَّن رخَّصَ في الضبَّة اليسيرةِ إذا كانت من فضةٍ سعيدُ بن جبير، وطاوس،


(١) في "سننه" (٩٦) وقال عقبه: إسناده حسن. ا. هـ وهو عند البخاري ومسلم كما مرَّ آنفًا دون قوله: "أو من إناء فيه شيء من ذلك"، وينظر "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (٢١٥٢).
(٢) من هنا الى قوله الآتي: "وكذا لبنها أي لبن الميتة نجس لأنه" ساقط من (ح).
(٣) "مجموع فتاوى ابن تيمية" ٢١/ ٨١.