للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصحُّ طهارةٌ مِن إناءٍ محرَّم.

الشَّعبِ (١) سِلسلةً من فضَّةٍ. رواه البخاري (٢)، وهذا مخصِّصٌ لعمومِ الأحاديثِ المتقدمةِ.

وعُلم من كلامهِ أنَّ ضَبَّة الذهبِ حرامٌ مطلقًا، وكذا الكبيرةُ عُرفًا من الفضَّةِ ولو لحاجةٍ، وأنَّ التي لغير حاجةٍ حرامٌ ولو يسيرةً من فضَّةٍ.

(وتَصحُّ طهارةٌ) وضوءًا كانت أو غسلًا أو غيرَهما (من إناء مُحَرَّمٍ) لغضبٍ

والشافعيُّ، وأبو ثور، وابنُ المنذر، وأصحابُ الرأيِّ، فحينئذٍ له دفعُ الحاجةِ بها ولو وجدَ غيرها، ولكن تُكرَه مباشرتُها حالةَ استعمالها، ولو أبيح فعلها؛ لأنَّه حينئذٍ يكون مستعملًا للفضَّةِ التي جاءَ الوعيدُ باستعمالها بلا حاجةٍ. كإن احتاجَ إلى مباشرةِ الفضَّة بأنْ كان بفمِه جرحٌ لا يستطيعُ معه مباشرةَ غير الضبَّةِ، أو كان الماءُ يندفعُ إذا شربَ من غير جهتها، أو نحو ذلك كتيسُّر تناولِ الطعام من جهتها. دنوشري مع زيادة.

(وتصحُّ طهارةٌ .. من إناءٍ محرَّمٍ … إلخ) أي: تصحَّ طهارةٌ من إناءٍ حرم اتخاذُه واستعمالُه؛ لأنَّ الإناء ليس بشرطٍ ولا ركنٍ للعبادة، فلم تؤثر في الطهارةِ، لأنَّ الحرمةَ إنَّما تعلَّقت بالظرف دون المظروف، فصحَّت الطهارةُ منه، أو من إناءٍ مغصوبٍ، أو من إناءٍ ثمنهُ المعيَّن حرامٌ، كما إذا كان الثمنُ مغصوبًا، أو كلبًا، أو خنزيرًا، أو خمرًا.

وقيل: لا تصح الطهارةُ من أواني الذهبِ والفضَّةِ والأواني المحرَّمةِ الاستعمال. واختارَهُ أبو بكر والقاضي وابنه أبو الحسين؛ وذلك لإتيانه بالعبادةِ على وجه محرَّمٍ، أشبهَ الصَّلاةَ في الأرضِ المغصوبةِ.

وفرَّق بينهما في "المغني" (٣) بأنَّ أفعالَ الصلاةِ التي هي القيامُ والركوعُ والسجودُ


(١) الشَّعب: الصَّدع الذي يشعبُه الشَّعّاب، وإصلاحه أيضًا الشَّعْب. "اللسان": (شعب).
(٢) فى "صحيحه" (٣١٠٩) و (٥٦٣٨).
(٣) ١/ ١٠٣ بنحوه.