للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثيابُهم إن جُهل حالُها.

(و) تُباحُ (ثيابُهم) أي: ثيابُ الكفارِ (إن جُهِلَ حالُها) بأن لم تُعلم نجاستُها، حتى ما وَليَ عوراتِهم. يعني: أنَّه يجوزُ للمسلمِ أن يستعيرَ من الكافرِ أوانيَه وثيابَه المجهولة، ونحكم بطهارتها، وأنَّها متى حصلت في أيدينا، لم يجب عينا (١) تطهيرُ ما لم نعلم نجاستَه منها؛ لأنَّ النَّبيَّ وأصحابَه توضَّؤوا

الاستعمال، قال في "الإقناع" (٢): ويؤكلُ من طعامهم غير اللحم والدسم. والعلَّةُ في ذلك كونُ ذبيحتهم ميتةً. وما لم تُعلَم نجاستُه من ثيابِهم، أي: ثيابِ الكفار. ولو وَليت عوراتِهم كالسراويل: وهو أعجمي معرَّبٌ، ممنوع من الصَّرف، لشبهه بمفاعيل، وكالتُّبَّان (٣)، والقميص الذي لم تعلم نجاستُه، وكذا من لَابَسَ النجاسةَ كثيرًا، كمدمنِ الخمر، وكساح الشراب.

وبدنُ الكافر، وطعامُ أهلِ الكتاب وماؤُهم، وكذا ما صبغوه أو نسجوه، طاهرٌ مباحُ الاستعمالِ؛ عملًا باليقين، وطرحًا للشكِّ؛ لأنَّ الأصلَ الطهارة، والأصلُ في إباحة ذلك قوله : ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥].

والطعامُ لا يقومُ غالبًا إلا بالآنية، وعملًا بالأصل وهو الطهارة، فلا تزولُ بالشكِّ.

وفي كراهة ثوبِ المرضع والحائضِ والصغيرِ روايتان، ذكر في "الشرح" (٤) الإباحة، ثمَّ ذكر عن الأصحاب أنَّ التوقِّي لذلكَ أولى؛ لاحتمالِ النجاسة فيه.

ولا يلزمُ السؤالُ عن طهارةِ شيءٍ من ذلك، بل ربَّما يكره. قيل لأحمد: عن صَبغِ اليهودِ بالبول، فقال: المسلمُ والكافرُ في هذا سواء، ولا يُسأل عن هذا، ولا يُبحث عنه فإنْ علمتَ، فلا تُصَل فيه حتى تغسلَه (٥). وتطهيره بالغسل ولو بَقِيَ اللونُ. وسأله أبو الحارث (٦)


(١) في الأصل: "عليها".
(٢) ٤/ ٣١٦.
(٣) التُّبَّان: سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط، يكون للملَّاحين. "اللسان" (تبن).
(٤) "الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف" ١/ ١٦٠.
(٥) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٥٥.
(٦) هو: أحمد بن محمد الصائغ، روى عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، بضعة عشر جزءًا، وجوَّد الرواية عنه، وكان الإمام أحمد يأنس به، ويقدِّمه، ويكرمه. "طبقات الحنابلة" ١/ ٧٤.