للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يَطهُر جِلْدُ ميتةٍ بدَبغ،

(ولا يَطْهُرُ جلدُ ميتةٍ) نجُس بموتِها (بدَبْغٍ) له. هذا قولُ عمرَ وابنِه وغيرهما (١)؛ لما روَى عبدُ الله بن عُكَيمٍ قال: أتانا كتابُ رسولِ الله قبل وفاتِه بشهرٍ أو شهرينِ:

(ولا يطهرُ جلدُ ميتةٍ … إلخ) من حيوانٍ طاهرٍ في الحياة بدبغٍ على الصحيحِ من المذهب وفاقًا لمالك؛ لأنّ الجلد جزءٌ من الميتة فلا يطهر بالدباغ (٢) فلا يحلُّ بيعُه بعدَ الدبغ كما يحرم قبله (٣) يحلُّ من الميتة بالدبغ ما كان طاهرًا في الحياة. قال ابنُ حمدان: [وهي أولى، ونقل جماعة] (٤) إنَّها آخر قولي أحمد ؛ لما روى ابنُ عباس أنَّ النبي قال: "أيُّما إِهاب دُبغ، فقد طَهُر" رواه مسلمٌ (٥) وغيره. وهو يتناولُ المأكولَ وغيرَه، فيخرجُ منهُ ما كانَ نجسًا في الحياة؛ لكون الدَّبغ إنَّما يؤثرُ في رفع نجاسةٍ حادثة بالموتِ فبقيَ ما عداه على مقتضى العموم. والأوَّل المذهب عند الأصحاب. دنوشري.

(ابنُ عُكَيم) عن النبيِّ ، بالتصغير وعينُه مهملةٌ، جُهينيٌّ كوفيٌّ مخضرمٌ، وكنيته أبو معبد من الثانية (٦)، وقد سَمع كتابَ النبي إلى جُهَينَة، ماتَ في إمارة الحجاج. من


(١) لم نقف على هذه الآثار مسندة، وأوردها عنهم النووي في "شرح مسلم" ٤/ ٥٤.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" ٤/ ١٦٥ - ١٦٦: وقال بعض من ذهب مذهب ابن حنبل في هذا الباب: قد روي عن عمر، وابن عمر، وعائشة كراهية لباس الفراء من غير الذكي، قال: وذلك دليل على أن الدباغ لا يطهر الجلد، ولا يذهب بنجاسته، وذكر ما رواه إسحاق بن راهويه قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن الأشعث، عن محمد قال: كان ممن يكره الصلاة في الجلد إذا لم يكن ذكيًا: عمر، وابن عمر، وعائشة، وعمران بن حصين، وأسير بن جابر، وروى الحكم وغيره عن زيد بن وهب قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجان: أن لا تلبسوا إلا ذكيًا. اهـ وقال في ٤/ ١٧٦: وروى مجاهد ونافع، عن ابن عمر أنه كان لا يلبس إلا ذكيًا.
(٢) بعدها في الأصل بياض بمقدار كلمتين.
(٣) بعدها في الأصل بياض بمقدار ثلاث كلمات.
(٤) ما بين حاصرتين من "المبدع" ١/ ٧٢.
(٥) في "صحيحه" (٣٦٦)، وهو عند أحمد (١٨٩٥).
(٦) في الأصل: "أبو سعيد من التاسعة" وهو تحريف. والمثبت من "تقريب التهذيب".