للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"أن لا تَنْتَفِعوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ" رواه الخمسة (١)، ولم يذكرِ التوقيتَ غيرُ أبي داودَ وأحمدَ، وقال: ما أصَلح إسناده. وفي رواية الطبرانيِّ والدارقطنيِّ (٢): "كنتُ رخَّصتُ لكم في جلودِ الميتةِ، فإذا جاءكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ" وهو دالٌ على سبْقِ الرُّخصة، وأنَّه متأخِّرٌ فيتعيّنُ الأخذُ به.

"التهذيب" (٣) في باب العين المهملة. محمَّد الخلوتي.

(بإهابٍ) وهو الجلدُ المدبوغ.

(قال) أي: الإمام.

(ما أصلحَ إسنادَه) بنصب "إسناده"؛ لأنَّ "ما" تعجبيَّةٌ، فهو منصوبٌ على التعجُّب.

(وهو دالٌّ على سَبقِ الرخصة … إلخ) فهو ناسخٌ لما قبلَه؛ أي: حديثُ ابن عكيم ناسخٌ لما قبلَه، يعني أنَّ ما ورد من الأحاديث دال على سبق الرخصة بأن جلدَ الميتة يطهرُ بالدباغ، فحديثُ ابنِ عكيم متأخرٌ عمَّا ذكر، وإنَّما يؤخذُ بالآخِرِ من قوله ، فحينئذ نُسِخَ ما سبق من تطهير جلد الميتة بالدباغ.

(وأنَّه مُتَأخِّرٌ) وإنَّما يُؤخَذ بالآخِرِ من أمره ، لا يقال: هو مرسلٌ؛ لكونه من كتابٍ لا يُعرَف حامِلُه؛ لأنَّ كتبَه كلفظِه، ولهذا كان يبعثُ كتبَه إلى النواحي بتبليغِ الأحكام.

فإن قيل: الإهابُ اسمٌ للجلدِ قبل الدبغ، قاله النضرُ بن شميل. فكيفَ قال فلان: تنتفعوا بإهابها، مع أنَّ النفعَ لا يكونُ إلَّا بعد دبغه؟ أُجيب بمنع ذلك. كما قاله طائفةٌ من أهل اللُّغة، يؤيِّده أنَّه لم يُعْلَم أن النَّبيَّ رخَّص في الانتفاع به قبل الدبغ، ولا هو من عادة النَّاس. مصنِّف (٤).


(١) أبو داود (٤١٢٨)، والترمذي (١٧٢٩)، والنسائي في "الكبرى" (٤٢٤٦)، وابن ماجه (٣٦١٣)، وأحمد (١٨٧٨٣)، وينظر "مختصر السنن" للمنذري ٦/ ٦٨.
(٢) الطبراني في "الأوسط" (١٠٤)، ولم نقف عليه عند الدارقطني.
(٣) يريد "تقريب التهذيب" كما مرَّ آنفًا.
(٤) "كشاف القناع" ١/ ٥٤.