للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُستحب عندَ دخولِ خلاءٍ

وأولُ من استنجى بالماء إبراهيمُ .

(يُستحب) لمريدِ قضاءِ حاجةٍ (عند) أي: قبلَ (دخولِ) نحو (خَلاءٍ) بالمدِّ، وهو المكانُ المُعد لقضاءِ الحاجةِ (١)

(يستحب لمريدِ قضاء حاجة … إلخ) ولما كان المقتضي للاستنجاء قضاء الحاجة، بدأ بذِكرِ آدابها، وهي كثيرة، ذكر منها المؤلفُ فوق العشرين، منها ما يُستحبُّ فعله، وما يُكرَه، وما يحرم فعله. لا يقال: المصنِّفُ صرّح بالاستحباب، وصاحب "المنتهى" عبَّر بقوله: يسن لداخل خلاءٍ … إلخ (٢). فهل هناك فرق بين السُّنة والاستحباب، فيتبع "المنتهى" في التعبير، إلَّا أن يقال: صرَّح صاحب "المنتهى" في "تحرير الأصول": المندوب يسمى سنة ومُستحَبًا (٣). فكل منهما يثاب فاعلُه، ولا يعاقب تاركه. هذا هو السر في تعبير المصنف بـ "يستحب"، وتعبير "المنتهى" بـ "يُسَن"، فهو تفنن. وفُرِّق بين المستحب والمباح بأن الأوَّل سنَّة كإغاثةِ الملهوف، وإطعامِ الجائع، فيثابُ على ذلك، وأمَّا المباح فكأكلِ الإنسانِ وشُرِبه، فلا يُثابُ عليه.

(نحو خلاء بالمدِّ)، وهو المكانُ الذي لا شيءَ فيه، والمراد هنا: (المكانُ المعد لقضاء الحاجة). قال الجوهري: سُمِّي بذلك؛ لأنَّه يتخلى فيه، أي: ينفردُ لقضاءِ حاجتِه. ونحو الخلاء: كالصحراء، والحمام، فإن الشَّيخ العلقمي (٤) نصَّ في "حاشية الجامع


(١) "الصحاح": (خلي)، و "المطلع" ص ١١.
(٢) "منتهى الإرادات" ١/ ١٠.
(٣) "شرح الكوكب المنير" ١/ ٤٠٣.
(٤) هو محمَّد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي الشَّافعي، كان أحد المدرسين بجامع الأزهر، وله حاشية حافلة على "الجامع الصغير" للحافظ السيوطي، وكتاب سماه "ملتقى البحرين"، تأخرت وفاته عن إحدى وستين وتسع مئة، وقيل (ت: ٩٦٣، وقيل ت: ٩٦٩ هـ). "الكواكب السائرة" ٢/ ٤١، و"شذرات الذَّهب" ١٠/ ٤٩٠، و "الأعلام" ٦/ ١٩٥ - ١٩٦.