للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: سواء كان ذلك الكلام مباحًا خارجَه أو مندوبًا، كذِكر اللهِ تعالى ولو سلامًا أو رَدّه؛ لما روَى (١) ابنُ عمرَ قال: مرَّ بالنبي رجل، فسلَّم عليه وهو يبول، فلم يردَّ عليه. رواه مسلم، وأبو داود (٢) وقال: يُروى أنَّ النبيَّ تَيمَّم (٣)، ثم ردَّ على الرجلِ السلامَ.

موذِّنًا، أجابه بقلبه دون لسانه، والمباح كسؤاله عن شيء، وكقوله لغلامته أو أمته: اقضي الحاجةَ الفلانيَّةَ. وإنَّما كان ذلك مكروهًا؛ لما قيل: إنَّ المَلَكَين الموكَّلَين ينعزلان عند دخولِ الخلاء (٤)، فإذا تكلم أحوجهما إلى العَودِ، فيلعنانه.

لعلّه يصفونه بالبعد عن العمل بالسُّنَّة على حدِّ قوله : "من غَشَّنا، ليس منا" (٥) أي: ليس على سُنَّتنا وطريقتنا، فالمراد باللَّعن مطلقًا الطردُ والإبعادُ، وليس المراد به الطردَ من رحمة الله تعالى، وهذا هو الذي ينبغي أن يُحملَ عليه هذا، وإلَّا فغالبُ النَّاس كفَّار -والعياذُ بالله تعالى من موجبِ الطردِ من رحمةِ العزيزِ الغفارِ- بدليل تجنُّب الشارح ونحوِه هذه العبارة الموجبة لذلك (٦).

(أي: سواءٌ كان) ذلك الكلام (مباحًا … إلخ) هذا تفسيرٌ للإطلاق، كان عليه أن يقول كغيره: أو واجبًا كردِّ سلام. إلَّا أنَّه أعطى الحكم بالمثال، فقال: (أو ردّه) عطفًا على "ذِكر الله" أي: كذِكر الله، ولو سلامًا، أو كرَدِّه. (تيمَّم) أي: بعد قضاءِ الحاجةِ [ثم] ردَّ .


(١) بعدها في (ح): "عن".
(٢) مسلم (٣٧٠) (١١٥)، وأبو داود (١٦).
(٣) في الأصل و (س) و (ز): "تمم" وكذا وردت في "فتح مولي المواهب"، والمثبت من (ح) ومصادر التخريج. وما أضيف بين حاصرتين في، الفتح، زيادة يقتضيها السياق.
(٤) أخرج الترمذي (٢٨٠٠) عن ابن عمر أن رسول الله قال: "إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلَّا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم". وقال: هذا حديث غريب.
(٥) أخرجه مسلم (١٠١)، وأحمد (٩٣٩٦) من حديث أبي هريرة .
(٦) من قوله: "لعله يصفونه بالبعد … " إلى هنا، ورد في النسخة الخطية بعد قوله الآتي: "تيمَّم أي بعد قضاء الحاجة ثم رد " ونقل إلى هنا لضرورة السياق.