للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ظلٍّ نافعٍ، أو مورِدِ ماءٍ،

"اتَّقوا اللَّاعِنين". قالوا: وما اللَّاعنانِ؟ قال: "الذي يتخلَّى في طريقِ الناس أو ظلهم". رواه مسلم (١).

(أو) أي: وحَرُم بولُه وتغوُّطُه بـ (ظلٍّ نافعٍ) لما تقدَّم، وإضافةُ الظِّلِّ في الحديثِ إليهم؛ دليل على إرادةِ المنتفَع به.

ومثله مُتَشَمَّسٌ (٢) زمنَ الشتاء، ومتحدثٌ لا بنحوِ غِيبَةٍ، وإلا فيفرقهم بما يستطيع.

(أو) أي: وحَرُم بولُه وتغوطُه بـ (مَوْرِدِ ماءٍ) أي: محلِّ ورودِ النَّاسِ للماءِ؛ لحديث معاذٍ: أنَّ النَّبيَّ قال:

في ذلك من تأذيهم وتلوثهم بالنجاسة عند سلوكهم فيه، ومرورهم به. وعلم من قوله: "مسلوك" أن الطريقَ المجهولَ الذي لا يُسلَك فيه، لا يَحرُم البولُ ولا التغوط فيه؛ لانتفاءٍ العلّة حينئذٍ. ويحرم أيضًا بوله وتغوطه على قبور المسلمين وبينهما، وتأتي في الجنائز.

(اتقوا اللاعنين) أي: اجتنبوا. ("أو ظلهم") عطف على "في طريق الناس" أي: الذي يتخلى في طريق النَّاس، والذي يتخلى في ظلِّهم.

(أو … ظل نافع) أي: ينفعُ النَّاسَ، ويقيهم من الحرِّ، وقد وردَ في الحديث الشريف:

"شدَّةُ الحر من فَيحِ جهنم" (٣). وإنَّما حَرُم ذلك؛ لئلَّا يُفسِد على النَّاس مجالسَهم، ويتضررون بذلك، فيلعنونَه، لما تقدَّم من قوله : "اتقوا اللاعنين … " إلخ. وإضافةُ الظلِّ في الحديث إليهم في قوله: "أو ظلهم".

(أو بموردِ ماءٍ) وهو محل الورودِ إليه لتستقي النَّاس منه؛ لما في ذلك من إيقاعِهم في التضمخ بالنجاسة، المأمور بالاحتراز عنها، فكان حرامًا. دنوشري.


(١) في "صحيحه" برقم (٢٦٩)، وأخرجه أيضًا أبو داود (٢٥) واللفظ له، ولفظه عند مسلم: "اتقوا اللعانين". قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ … الحديث.
(٢) في (ح) و (ز) و (س): "مشمس".
(٣) أخرجه البخاري (٥٣٦)، ومسلم (٦١٥)، وأحمد (٧٢٤٦) من حديث أبي هريرة .